لقد ظل مفهوم الإنسان محور نقاش وفكر مستمر لدى الفلاسفة منذ القدم. يعود هذا التحير الأساسي إلى التعقيد الهائل للطبيعة البشرية نفسها - كيان مركب ومتميز يحمل سمات يمكن وصفها بالحيوانية والذكاء البشري بشكل متزامن.
الفيلسوف القديم أرسطو، مثلا، عرف الإنسان بأنه "الحيوان الناطق". ولكن هنا、النطق ليس المقصود منه القدرة الصوتية فقط، وإنما أيضا قدرة التفكير والاستنتاج العقلي. هذا التركيب الفريد جعل الأبحاث حول الذات الإنسانية غنية ومعقدة للغاية.
من زاوية أخرى، ركز العديد من المفكرين سواء كانوا غربيين أم مسلمين، بما في ذلك أبو نصر الفارابي وابن سينا، على الجانب التجريدي لإثبات الشخصية الإنسانية. وفقا لهم، الشخصيات تتحدد بالعروض الخارجية مثل الاسم والمكان والزمان. لكن يجب التنبيه هنا أن العروض قد تكون مختلفة تماما عن الصفات المميزة للأشخاص. بينما تُظهر الأخيرة الجوهر الداخلي للفرد وتعطيه طابعه الخاص، فإن الأولى توضح فقط الخصائص القابلة للتغيير والتي ليست جوهرية بطبيعتها.
ومع ذلك، تطورت وجهة النظر الفلسفية لاحقا مع ظهور مدرسة الحكمة المتعالية. هؤلاء الأفكار الجديدة شككت بشكل مباشر في استخدام العروض كمؤشرات أساسية لتحديد طبيعة الكائن الإنساني. بدلا من ذلك、اقترحوا أنه ربما يكون الأصل الرئيسي للهوية البشرية بعيدا عن تلك العروض المرئية والخارجية. بالتالي、رفضوا الفكرة التقليدية التي تصنف الإنسان بناءً على خصائصه الظاهرية كالقدرة على الكلام والمعرفة العلميةـ معتبرين أنها مجرد ظواهر سطحية وليست جزءًا جوهريًا من جوهر الإنسان.
وفي النهاية، يبقى البحث عن فهم شامل للإنسان قضية غير محلولة حتى اليوم. رغم كل المحاولات للفهم الشامل، يظل مفهوم الإنسان محيطا مليئا بالمجهول وغير المستكشف بعدُ. إنه تركيب معقد يحتاج لفهم عميق ومتعدد الزوايا للحصول على صورة واضحة عنه حقاً.