تتنوع وتتشعب نقاشات حول فهم "الطبيعة" بين مدارس الفلسفة المختلفة، وهي قضية جوهرية تشغل اهتمام الفلاسفة منذ العصور القديمة حتى يومنا الحاضر. يعكس مفهوم الطبيعة في الفلسفة تأثيرات عميقة لنظريات ومعتقدات متعددة، بدءًا من التفسيرات الأسطورية المبكرة وصولًا إلى التحليلات العلمية الحديثة. سنستعرض هنا كيف تغير منظور الطبيعة عبر الزمن وكيف أثرت رؤى مختلف الفلاسفة في تكوين فهمنا الحالي.
بدأت رحلة البحث عن تعريف واضح للطبيعة مع المفكرين اليونانيين القدامى. بالنسبة لأفلاطون، كانت الطبيعة تجسد المثل الأعلى - روح إلهية تقود الكون وتخضع لقوانين رياضية مرتبطة بتناسق المكان والأجرام السماوية. ومن جهة أخرى، رأى أرسطو أن كل كائن لديه طبيعة ذاتيه تميزه بطابع مميز وشكل محدد ودافع داخلي يدفعه نحو تحقيق هدف وجودي خاص به ("الحركة نحو الغاية").
ومع مرور الوقت، توسعت نطاق المصطلحات المتعلقة بمفهوم الطبيعة لتمتد ليشمل العديد من جوانب الوجود الإنساني. اليوم، يُعرِّف علماء الفيزياء والكيمياء الطبيعة بأنها العمليات والقوانين التي تحكم جميع الظواهر في الكون المنظور، بما فيها تلك التي صنعها البشر والتي لم يخلقها. وهذا يشمل العلاقات البيئية والنظام الحيوي للأرض بالإضافة للأبعاد الجغرافية ومصادر الطاقة وغير ذلك الكثير من عناصر النظام العالمي الواسع.
رغم تعدُّد النظريات والتفسير المختلفة حول خصائص وحقيقة الطبيعة، فإن مساهمات الأفراد الثاقبة – مثل مكتشف القانون العام للنسبية ألبرت أينشتاين واكتشاف قوانين حركتها سير إسحق نيوتن– قد تركت بصمة واضحة بشكل خاص فيما يتعلق بفهمنا الحديث لعلم الفلك وتركيب المادة والعلاقات السببية داخل نظامنا الشمسي وخارجه أيضاً. لذلك، يبدو أنه رغم توافر مجموعة واسعة ومتنوِّعة من التعريفات والمفاهيم الخاصة بالطبيعة، إلا أنها تبقى سؤال مفتوح تحتاج مزيد من الاستكشاف والدراسة لفهمه بشكل كامل وعقلاني.