بلاد الرافدين، التي تضم اليوم العراق والأجزاء الشرقية من سوريا وتركيا الحالية، هي مهد أول الحضارات الإنسانية المعروفة. تحت ظلال نهري دجلة والفرات، ازدهرت هذه الأرض منذ آلاف السنين لتقدم للعالم مجموعة فريدة ومتنوعة من الإنجازات الثقافية والتاريخية.
في أوائل الألفية الثالثة قبل الميلاد، ظهرت المملكة القديمة للسويمرين وأسكتين، وهي الفترة التي شهدت بداية كتابة النصوص المسمارية الأولى واستخدام نظام عددي سداسي عشري ابتكرته السومريون. بعد ذلك، جاءت فترة الأكديين الذين أسسوا واحدة من أقوى الإمبراطوريات في التاريخ القديم بزعامة الملك سargon الأكدي الشهير.
ثم جاء دور البابلية، خاصة خلال عهد حمورابي الذي وضع قوانينه الشهيرة - "شريعة حمورابي"، والتي تعد أحد أهم الدلائل القانونية المكتوبة في العالم القديم. كما كانت مدينة بابل مركزاً روحياً وثقافياً هاماً، معروفة بنصب معبد إيزيس الغامض والمبهر "زقورة بابل".
وعلى الرغم من سقوط الدولة البابلية أمام الآشوريين القادمين من الشمال، إلا أنها توالت عليها دول أخرى مثل النيو بابيلونية والنيو آشورية والإلخيمي، كل منها ترك بصمة فريدة في تاريخ المنطقة. حتى ظهور الفرس الأخمينيين ثم اليونانيين والسلوكيين، ثم الرومان والعرب الإسلاميين لاحقاً.
إن بلاد الرافدين ليست فقط مكان ولادة الكتابة والقانون والإدارة الحديثة؛ ولكن أيضا موطن الفن التشكيلي الرائع والنحت والعمارة الفاخرة والمعمار الهندسي المتقدم آنذاك. إنها قصة حضارة متعددة الطبقات تحمل بين طياتها تراثا ثقافيا غنيا يستحق التأمل والاحترام.