الفصل الأول من رحلة العناصر الكيميائية: اكتشاف الفسفور ومحفزاته العلمية

قبل الميلاد، كانت عناصر معينة مثل الذهب، الفضة، القصدير، النحاس، الرصاص، والزئبق تُستخدم بكثرة في الحياة اليومية. ومع ذلك، يُعَدّ اكتشاف العناصر بطريق

قبل الميلاد، كانت عناصر معينة مثل الذهب، الفضة، القصدير، النحاس، الرصاص، والزئبق تُستخدم بكثرة في الحياة اليومية. ومع ذلك، يُعَدّ اكتشاف العناصر بطريقة منهجية نقطة تحول حاسمة في تاريخ الكيمياء. كان أول هذه الاكتشافات هو الفسفور، والذي قام العالم الألماني هينيغ براند باكتشافه عمداً في العام ١٦٤٩ ميلادي. ورغم عدم وجود دليل مباشر يشير إلى كيفية إنجازه هذا الإنجاز الدقيق، فإن وصف عملية تصنيعه تشمل غليان مزيج من اليوريا والبراز البشري واستخلاص المعدن الأبيض اللامع الناتج. وقد استغرقت العملية وقت طويل وصلت إلى ستة أشهر لإنتاج كميات ضئيلة جداً.

يُظهر الفسفور خواص فريدة ومتنوعة تعكس تنوعه بنسخته المختلفة. فهو يمتلك عدة أشكال بيولوجية بارزة تتضمن الفسفور البنفسجي الغريب والشائع لدى خبراء المواد الخطرة؛ بالإضافة للفوسفور الأحمر القرمزي غير المستقر والتحدي للتداول والاستخدام. ويبرز الفسفور أيضًا لأدواره الحيويّة داخل الجسم حيث يعد أحد اللبنات الأساسية لبنية خلاياه ودعم صحة الجهاز العصبي والنمو العماري عبر دوره المحوري ضمن تركيب الحمض النووي الريبوزي DNA والنوكليك RNA وحامل الطاقة ATP. تمتاز عينات الفسفور الخام بعدم لونيتها وانبعاث رائحة نفاذة عند تعرضها للهواء مما يعرضها لاحتمالية الاحتراق الذاتي تحت ظروف معينة. أما خارج نطاق البيئة البشرية فتتعدد استخداماتها ابتداءً من توليف منتجات تنظيف منزلي وانتهاء بإعداد مبيدات حشرية وفلاحيّة عالية التأثير اعتماداً على ثقل وزن ذره الواحدة نسبياً مقابل قياسته الصغيرة نسبيًا مقارنة بالمكونات الأخری المشابهة لها الوظيفة .

ومن المهم هنا التنبيه بأنه ليس كل ما ينتج خلال سيرورة البحث قد يسفر مباشرة عن نتائج سعيدة وطيبة إذ يمكن لمثل تلك التجارب المثيرة إحداث تداعيات خطيرة للغاية خاصة إن اقترنت باستخدام مواد مجهولة التركيب الكيميائي كالذي حصل ذات مرة حين توفي ابن صاحب العمل بسبب انفجار وقع اثناء عمليات الاستخلاص الأولى للعنصر المطمح! لكن رغم مخاطرها تبقى تجارب التحليل النوعي للعناصر وسيلة محفزة لفهم خصائص المادة بشكل أعمق وتمكين المجتمع العلمي لتطبيق رقابة أكثر صرامة حول سلامتها قبل دخول مرحلة التصنيع التجاري ومن ثم طرح المنتج النهائي للسوق المحلية والدولية علماً بأن معظم العقارات المؤهلة للاستعمال الشخصي تمر بمراحل فحص دقيقة وفق مواصفات صارمة طبقا لقواعد الاستخدام والإرشادات اللازمة لحماية الصحة العامة.

إن مساهمة براند الرائدة ولو أنها جاءت نتيجة الصدفة إلا إنها مهدت الطريق لصعود حركة بحث واسعة المدى أدت بدورها لاكتشاف عشرات الأنواع التالية متعاقبة حتى بلوغ تعدادها الحالي وهو 118 نوع مختلف حسب التسلسل الزمني المعتمد عالميا والمعروف باسم "الجـدوال الدوري" ، الأمر الذي فتح آفاق جديدة أمام التقدم الطبّي والصناعات الهندسية وكذلك دراسات الفلك والكيمياء النظرية وغيرها الكثير ممّا أسهم بصورة كبيرة بتطور الإنسانية نحو الأمام نحو حياة أكثر رفاهيه ونقاء وصحة.


عاشق العلم

18896 مدونة المشاركات

التعليقات