تعتبر الإرادة أحد المفاهيم المركزية في الفلسفة، وهي تشير إلى القدرة التي يتمتع بها الأفراد على الاختيار والتصرف بحرية وفق رغباتهم وميولاتهم الخاصة. يعزو العديد من الفلاسفة هذه الخاصية للبشر فقط، متفوقين بذلك على باقي الكائنات الحية الأخرى. يُعرّف المؤرخ والفيلسوف الاسكتلندي ديفيد هيوم الإرادة بأنها القدرة على الاختيار بين العمل وعدم العمل، مما يشير إلى أن الإنسان لديه سيطرة كبيرة على ظروفه ومسؤولياته تجاه المجتمع.
إن مفهوم حرية الإرادة ليس مطلقًا حسب الرأي الفلسفي التقليدي؛ فهي معقدة ومحدودة بالمراعاة الاجتماعية والمعايير الأخلاقية. تُظهر الدراسات النفسية أن هناك فروقًا واضحة بين الإرادة والإصرار، حيث قد يقترن الإصرار بالسلوك العنادي والمقاومة للغرائز المجتمعية. بينما ترتكز الإرادة بشكل أساسي على الاستقلالية الخَلقَية وحسن الحكم بين البدائل المختلفة المتاحة أمام المرء.
ومن المنظور الإنساني البحت، يعتقد البعض أنه منذ ولادتنا نحصل جميعًا على حق غير مشروط فيما يسميه البعض "حرية الإرادة". إلا أن الواقع العملي يكشف لنا عوالم داخلية واسعة تؤثر بدورها على قرارات الناس وسلوكياتهم اليومية - سواء كانت بسبب بيئاتهم الخارجية أم ميولهم الداخلية الجوهرية. لذا فالانسجام المثالي بين الطموحات الذاتية واحتياجات الآخرين يمثل تحديًا دائمًا للإنسان يفسر جزء كبير منه سمات شخصيته وعواطف قلبه ونوازعه المكبوتة عقلاً وجسدًا.
وفي سياقات أكثر شمولاً لفلسفتَي علم النفس والأخلاق عموما، تعد «الأكسيولوجيا» فرعًا هاما للدراسة تهتم بتحليل الطبيعة والقيمة العامة للقيم الإنسانية وكيفية ارتباطهما ارتباطا مباشرا بسلوك البشر وغاية وجودهم المطلق. كما تسعى فروع أخرى في الفلسفة كالـ«epistemology» («نظـْرِـيّة المعرفــة») للحصول على نظرات معمقة حول ماهية الحقائق العالمية وطرق الحصول عليها وكذلك مدى محدوديتها لدى ذوي القدرات العقلاء كافة بلا استثناء مادياً وفكريًّا كذلك! بالإضافة لذلك توصّل أغلب البحث العلمي الأخلاقي برؤية موحدة مؤداها إيمانهم الراسخ بضرورة توافق الجوانب النظرية والحسية لإصدار أحكام منطقية مستندة لأصول أولى مجردة قبل الوصول لأحسن القرارات المناسبة لحالات مختلفة ومتنوعة تعكس اختلاف مراحل العمر وتجارب حياتها الغنية ومتغيرات زمان ومكان مختلفان تمامًا لسائر تعبيرات حياة الأرضيين سواء أكانت حيوانات أم بشر Indeed!!
هذه الرسالة الموسعة تقدم شرح مفصل لكافة جوانب هذا الموضوع الدقيق بما فيها علاقتها بالأبعاد الثلاثة الرئيسية للفلسفة والتي تعتبر ثوابتها الثلاث الأساسية وهي الوجود والعلم والنظر الأخلاقي المتضمن للأفعال والمعارف الإنسانية كافة .