ترجع تسمية "العصور المظلمة" إلى فترة تاريخية شهدتها أوروبا الغربية بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية حوالي العام 476 ميلادية وحتى بداية عصر النهضة في القرن الخامس عشر الميلادي تقريبًا. هذه الفترة كانت مليئة بالتحديات السياسية والإدارية والعلمية والثقافية نتيجة لانهيار الهياكل الاجتماعية والنظام القانوني الذي كان راسخاً خلال الحكم الروماني.
تواجه المجتمع الأوروبي آنذاك هجمات متكررة من قبل القبائل الجرمانية التي انتقلت عبر نهر الراين داون Rhine وتحولت إلى المسيحية فيما بعد. أدى هذا الصراع المستمر بين السكان المحليين والمهاجرين الجدد إلى زعزعة الاستقرار السياسي ونشوء نظام إقطاعي جديد. بالإضافة إلى ذلك، تعاظمت المشاكل الاقتصادية نتيجة لانخفاض التجارة الداخلية والخارجية بسبب الاضطرابات الأمنية وانحسار الطرق التجارية التقليدية.
في الجانب الثقافي والعلمي، شهدت تلك الحقبة انحلال التعليم الرسمي وتراجع الدراسة العلمانية لصالح النشاط الديني المكثف والذي اعتمد بشكل رئيسي على الخرافات والتقاليد الشفهية أكثر منه على الفهم المنطقي والمعرفة المكتسبة. ومع غياب البنية التحتية للتعليم النظامي والقراءة والكتابة، أصبح الوصول للمعلومات محصورا لدى طبقات معينة من الناس مما ساهم في انتشار الأمية وتعزيز الظروف المعيشية الصعبة.
هذه الأحداث مجتمعة دفعت المؤرخين لتسميتها "بالعصور المظلمة"، وهي تسمية ذات بعد سلبي ولكنها تسعى لتحليل الواقع المؤسف لهذه الفترة بدلاً من تصوير صورة وردية غير واقعية للتاريخ الأوروبي. فمع مرور الوقت وبداية عهد النهضة، استمرت الحركة نحو الرقي والفكر الحر الذي شكل أساس التقدم الإنساني الحديث.