في ظل الحكم الأموي القوي والإشراف الديني الصارم، شهدت العقود الأولى للدولة العباسية تحولاً عميقاً نحو التنوير والفكر الحر. هذا التحول اتسم بتزايد أهمية الفلسفة كدراسة مستقلة لها جذورها الخاصة داخل المجتمع الإسلامي المتنامي. تميز القرن الثاني الهجري (8 م) باعتباره فترة ذروة النمو الفكري والثقافي خلال هذه الفترة التاريخية الحاسمة.
جاء ذلك نتيجة لانفتاح خلفاء بني عباس المستمر على الثقافات الأخرى والمعارف الجديدة. حيث عمل الخليفة هارون الرشيد وجده أبو جعفر المنصور على تشجيع الترجمة الواسعة للمعرفة اليونانية وغيرها من التقاليد الأكاديمية القديمة إلى اللغة العربية. وقد ساهم هذا الاهتمام الكبير بالترجمات بشكل كبير في خلق بيئة غنية بالأفكار الجديدة وتسهيل تبادل الأفكار بين الشرق والغرب.
أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في تلك الحقبة كان محمد بن موسى الخوارزمي، الذي عُرف أيضاً باسم "الخوارزمي". قدم مساهماته الرائدة في الرياضيات والفلك لكنه ترك أيضا بصمة واضحة في مجال الفلسفة. بالإضافة إليه، برز اسم ابن سينا المعروف أيضًا بأنه الطبيب والفيلسوف الشهير؛ فهو ليس فقط طبيباً بارعاً ولكنه يعتبر واحد من أشهر فلاسفة المسلمين عبر التاريخ. ومن المؤرخين البارزين الذين عاشوا أثناء حكم العباسيين وهبترولوس الشيعي والذي كتب العديد من الأعمال الهامة التي تعكس العلاقات الديناميكية بين الدين والفلسفة.
لم تكن الفلسفة مجرد بحث نظري بل كانت جزءا حيوياً للحياة اليومية للأفراد والمجتمعات خلال عصر النهضة العربي-الإسلامي. أدى دعم الحكومة العباسية للتعليم والتسامح مع الآراء المختلفة إلى وجود مجتمع مفتوح للنقاش والحوار حول مجموعة واسعة من المواضيع بما فيها الأخلاق والطبيعة الإنسانية والعلاقة بين العلم والدين. إن تراث هذه الفترة الزمنية الطويلة أثرت بشدة على المسيرة الثقافية للعالم حتى يومنا الحاضر.