لم يبق اسم عالم النفس الأمريكي "إدوارد ثورندايك"، والمؤسس الشهير لطريقة التعزيز السلوكي، فقط كعلامة بارزة في تاريخ علم النفس؛ بل ترك تأثير عميق عبر العديد من الباحثين الذين جاءوا بعده بما فيها النظرية المعرفية التي طورها العالم الأمريكي الآخر، بوردون كارفر. يُعرف أيضاً باسم العالم سكينر نسبة إلى مؤسسته للتعزيز السلوكي. كان كارفر واحداً من أكثر العلماء تأثيراً خلال القرن العشرين في مجال العلاج السلوكي والمعرفي.
يُعتبر كتابه "The Psychology of Well Being and Peak Experience" أحد الأعمال الرائدة في هذا المجال، حيث يؤكد فيه على أهمية التجارب الإيجابية والسعادة كمفتاح لتحقيق الصحة النفسية. وفقاً لكارفر، فإن هذه التجارب ليست مجرد لحظات عابرة، ولكنها جزء أساسي من نمط الحياة الصحية. يشجع الناس على البحث عنها وتجربتها باعتبار أنها تعمل كنوع من الوقاية ضد الضغط النفسي والقلق.
بالإضافة لذلك، قدم كارفر مساهمات مهمة في تطوير التقنيات العلاجية للسلوك والتفكير السلبي. إحدى هذه الأساليب هي تقنية "مستويات التفكير"، والتي تدعم القدرة على تحليل الأفكار والتلاعب بها بطريقة أكثر بناءً وحلولاً للمشكلات. كما اقترح طريقة الـ"التصور العملي"، وهي نوع من التدريب العقلي الذي يساعد المرضى على تخيل المواقف الصعبة واستجابتهم لها بشكل إيجابي قبل مواجهتها فعلاً.
في مجمل أعمال كارفر، نجد التركيز الشديد على الدور الرئيسي للتوجيه الداخلي والإرادة الشخصية في التحكم بالسلوك والأفكار. وبذلك، لم يكن مجرد رائد في مجاله العلمي، ولكنه أيضا مصدر إلهام للعديد من المهنيين الصحيين اليوم.