تُعتبر مدينة فاس واحدة من أهم المدن التاريخية والثقافية في المغرب، وتعود جذورها إلى القرن الثامن الميلادي عندما أسسها مؤسس الدولة الإدريسية، الملك إدريس بن عبد الله. يعود الفضل لإدريس الأوّل في إنشاء أول نواة لهذه المدينة، والتي سميت فيما بعد "عدوة القرويين" لاستقبالها العديد من المستوطنين العرب الذين جاؤوا من ريف المغرب واستقروا بها. وفي وقت لاحق، قام ابنه إدريس الثاني بتأسيس الجزء الآخر من المدينة المعروف الآن باسم "عدوة الأندلسيين"، والذي جذب مهاجرين من شبه الجزيرة الأيبيرية وجماعة يهودية أيضاً.
بمرور الوقت، شهدت فاس تطورات كبيرة خصوصا أثناء حكم الدولة المرابطية بقيادة الوزير أبوبكر محمد بن تومرت وزوجته فاطمة الفهري. نجح أبوبكر محمد بن تومرت في توحيد المدينة تحت سلطانه، فأقام سورًا واحدًا حول الجزء الشرقي والغربي لنهر فاس. كما أمر ببناء المرافق العامة مثل المطاحن والحمامات والفنادق، مما عزز الوضع الاقتصادي للمدينة بشكل كبير. كذلك توسع جامع القرويين الكبير الذي كان قد انشئ أصلاً من قبل فاطمة الفهري. دام الحكم المرابطي لفاس حوالي ثلاثة قرون حتى العام ١١٤٣ م.
ومع مرور الوقت، تعرضت فاس لحروب عدة وانقلت بين يد الدول المختلفة. فتولت الدولة الموحدية زمام الأمور بعد استسلام المرابطين لها سنة ١١٤٧ م وظلت محكومة منهم حتى ظهور الدولة المرينية في القرن الثالث عشر ميلادية . طور المرينيون المدينة أكثر بإقامة قلعة قصور مرين و مجاورتها لسوق معروف بسوق الأربعاء إضافة لمسجد الجامع الجديد للفاسيين وهو المسجد الرئيسي حالياً ومقر الزيتونة سابقا .وفي نهاية القرن الخامس عشر ظهر دور للسعديين لكن حكمهم لم يستمر طويلا بسبب الاضطرابات الداخلية ونقص الحضور الثقافي والعسكري مقارنة بما سبقهما من دول مغربية عظيمة.
بعد هذا الصراع الطويل, دخلت فرنسا مباشرة في المشهد السياسي المغربي وسيطرت عليها سياسيا واقتصاديا لمدة اربعة عقود تبدء منذ عام 1912 .على الرغم من كونها عاصمة المملكة العلوية سابقاً , إلا أنها خسرت مكانتها لصالح مدينة الرباط وحافظت فقط على وضعيتها السياحية والتاريخية الهامة جدا حتى يومنا الحالي. حصل المغرب أخيرا واستقل نهائيآ في سنة ۱۹۵۶ م وبذلك أنهت حقبة الاحتلال الأجنبي للمملكة المغربية وما رافقها من تغييرات جوهرية داخل مجتمعاتها المحلية والنخب السياسية آنذاك والتي أثمرت بدوره عن إعادة تشكيل الهيكل الاجتماعي والاستقرار الأمني ضمن الحدود الجغرافية للدول العربية عموما وللدولة المغربية خاصة عقب تلقي الدروس المستخلصة والمعاناة المتراكمة جرّاء تلك الفترة المؤلمة المؤثرة بجذورها الراسخة حتى عصر المعلومات الرقمية الحديثة لدينا جميعا اليوم!