تُعدّ رواية "الصخب والعنف" لكاتبها الراحل الطاهر وطار واحدة من أهم الأعمال الأدبية التي تعكس الحياة الاجتماعية والثقافية للمجتمع الجزائري مباشرةً عقب نيل البلاد لاستقلالها عام 1962. تمتد الرواية عبر عدة سنوات وتسلط الضوء على مختلف الفئات الاجتماعية والمظاهر السياسية خلال تلك الفترة الحاسمة.
يتميز الأسلوب الكتابي بوطار بالواقعية والصراحة الشديدة، مما يجعل القارئ يشعر وكأنه شاهداً مباشراً على أحداث الماضي. يعرض العمل مجموعة متنوعة من الشخصيات، بعضهم ينتمي للطبقة المتوسطة وأخرى تنحدر من خلفيات بسيطة، كل منهم لديه قصته الخاصة ومعاناته الشخصية ضمن سياق اجتماعي كبير ومربك.
يسلط الوطاري الضوء أيضًا على تأثير الحرب والاستعمار الفرنسي السابق على النفس البشرية وعلى العلاقات الإنسانية داخل العائلات والأصدقاء والأحباء. ويبرز كيف أثرت هذه التجارب المؤلمة على التعاملات اليومية والتوجهات الأخلاقية للأفراد. علاوة على ذلك، يقدم لنا وجه آخر للحياة الجزائرية بعد الاستقلال؛ فهو ليس مجرد احتفال بالنصر فقط ولكنه أيضاً فترة مليئة بالتحديات والعواقب غير المباشرة للحرب.
في المحصلة، تعد "الصخب والعنف" أكثر من مجرد عمل أدبي تاريخي - إنها صورة حية ومتكاملة لأمتداد زمني مهم وغني بتنوعاته الثقافية والشخصيات المعقدة والدروس المستخلصة من تجربة وطن مر بها الكثيرون ولكن ربما لم يتم فهمها جميعاً بشكل كافٍ حتى الآن.