تُعدُّ البيروقراطية واحدة من نظريات الإدارة الأكثر شيوعاً وانتشاراً حول العالم. نشأت هذه النظرية لأول مرة في القرن العشرين كرد فعل ضد الفوضى والتسيب في الهياكل الحكومية التقليدية. تُعرَّف البيروقراطية بأنها نظام لإدارة الأعمال يستند إلى مؤسسات رسمية لها هياكل سلميّة متدرجة داخل المنظمات. يشمل ذلك وجود سلطات مركزية تحدد أدوار الموظفين وتنظم كيفية تنفيذ العمليات اليومية.
أوَّل خصائص البيروقراطية هو بنيتها المتدرجة الواضحة والمحكمة. يتم تنظيم هذا البناء بطريقة تجعل كل رتبة مسؤولة مباشرة أمام تلك الأعلى منه، وبالتالي فإن الاتصالات تتم بشكل عمودي وليس أفقي. هذا الترتيب يساعد على تحقيق الدقة والكفاءة نظرًا لأن المسؤوليات محددة جيدًا ويمكن رصد الأداء بسهولة.
ثانياً، تخصص المهام أحد مفاتيح نجاح النظام البيروقراطي. يحمل كل عضو دور محدد ومعروف تمام المعرفة ويطور خبرته الخاصة ضمن نطاق اختصاصه فقط. هذا النهج ينتج عنه زيادة الاحترافية والثبات في الأداء العام للمنظمة.
كما تقوم البيروقراطية بتجزئة المهام الكبيرة إلى عناصر أصغر وأكثر قابلية للإدارة. وهذا يعزز من القدرة على التحكم وتحسين المستوى العام للأداء عبر التركيز على تفاصيل دقيقة قد تفلت من الرؤية عند تناول المشاريع كتكتلات كبيرة.
بالإضافة لذلك، تعتمد البيروقراطية على التعليمات الكتابية والنصوص الموحدة لتوجيه جميع الأفراد والمجموعات أثناء القيام بعملهم اليومي. تضمن هذه الطريقة التواصل الواضح وتحد من احتمالية سوء التفاهم أو عدم الالتزام بالأهداف الاستراتيجية للشركة.
ومن الأمثلة الجديرة بالملاحظة للجوانب الإيجابية للنظام البيروقراطي أنه يسمح بفصل واضح للسلطات بين الأقسام المختلفة داخل الشركة. هذا الفصل ليس فاصلاً فقط ولكنه أيضًا آلية اتصال فعالة بين هذه الأقسام تهدف لمراجعة التشريعات الجديدة ودراستها قبل اعتمادها نهائيًا. بالإضافة إلى أنها تساعد في الحد من الاحتيال الداخلي وذلك بسبب رقابة بعض الأقسام الأخرى على أخرى مشابهة لها ولكن ذات مسؤوليات مختلفة.
أخيرا، فالبيروقراطية تخلق الكثير من الفرص الوظيفية مما يخفف الضغط الناتج عن البطالة في مجتمعاتها المحلية. ولذلك فهي تعد حليفًا فعالًا للدول الراغبة بخفض معدلات البطالة وتعزيز إنتاجيتها الاقتصادية الوطنية الشاملة.