تشكل الأساطير الإغريقية جزءاً أساسياً من التراث الثقافي والفكري للإنسانية جمعاء، خاصةً تلك التي نشأت ضمن حضارة اليونان القديمة. تصف هذه الأساطير عالم الآلهة والإلهات والإنسانيات البطولية، مستندة إلى معتقد بشري قديم غني بالرموز والرسائل العميقة. يسعى هذا العمل الأكاديمي لاستكشاف طبيعة الأساطير الإغريقية، وأنواع الموضوعات الشائعة فيها، بالإضافة إلى دورها المهم كجزء من الفن والأدب والعادات الاجتماعية لدولة اليونان القديمة.
تنبع الأساطير الإغريقية من قصص متوارثة عبر القرون والتي لم يعرف مؤلفوها بشكل دقيق. تدور أحداث هذه القصص حول Pantheon Olympos - مجموعتنا المثيرة للاهتمام من الأشخاض الألهيين الذين حكموا الجانب الإنساني لحياة البشر من سماء سمحاء وهم يجلسون فوق جبل أوليمبوس الشهير. كانت هناك ثمانية رئيسيات لآلهة وعشرة رجال ألهيون يدافعون ويحمون الأرض ويوجهون حياتها اليومية.
ومن بين هؤلاء الوقائع البارزة زيس ("زيوس"، اسم آخر للزعيم الأعلى للعائلة المقدسة)؛ وهيرا؛ وأفروديت؛ وأبولو؛ وآريس؛ وأرتميس؛ وأثينا؛ وديميتر؛ وديونيسوس؛ وهيفايستوس؛ وهيرمس؛ وبسيودن. لكلٍّ منهم سماته الخاصة ونطاق عملهم الخاص، مما أدى بدوره لإنشاء نظام معرفي ومعتقد ثابت ومتكاملة داخل المجتمع اليوناني منذ القدم.
تمثل رواية وحفظ هاته القصة بالنسبة لهم وسيلة للتواصل وترسيخ المفاهيم الروحية للأجيال الجديدة، كما أنها توفر أمثلة عملية للسلوكيات المرغوب فيها وغير المرغوب فيها. منها مايكرس لتقديم تعليم أخلاقي واضح لمن يسمعه بينما البعض الآخر يشرح ظاهرة طبيعية ويتعمق أكثر بالأعراف التقليدية للدولة حينذاك أو حتى يساعد بفهم المواقف المختلفة فيما يخص العلاقات الشخصية وما ينتج عنها من مشاعر مختلفة كالغيرة والكراهية والحزن إلخ... إلخ...
على سبيل المثال، تعتبر قصة "رحلة أوديسيوس" مثال مصغر لعظمة وصمود الروح البشرية أمام تحديات الحياة اليومية وكيف يتمكن الإنسان بمواجهة المصاعب بتحديه الأعاصير والاستمرار بسفره نحو هدفه النهائي رغم المخاطر العديدة المنتظرة عليه طول فترة سفره المكلفة للغاية! كذلك فإن مغامرات بطل آخر شهير مسمى باسم جيوسون وأسلوبه الذي استخدم فيه سرقة صوف ذهبى مناط عليه مهمة تحديد جدواه كملك مستقبلي لهذه المنطقة الواعدة ذات الموقع الاستراتيجي الرائع بالقرب من ساحل بحر قزوين الحالي(جنوب أوروبا شرق).
وفي نهاية المطاف فقد تركت لنا تراث تاريخ يوناني رائع يمكن الوصول إليه بأشكاله الحديثة سواء كان ذلك عبر دراسات أكاديمية علمانية مختصة بالحفاظ وفهم ثقافت التاريخ القديم والتي تشمل جميع محاور حياة شعب يوناني سابق بما فيه خلفيات اجتماعية واقتصادية وفنية واجتماعية أيضًا -حيث نجد انعكساتها واضحة تمام الوضوح داخل أعمال فنية رائعة جداً مكتملة التفاصيل مازالت تحتفظ بنكهتها الاصلية وتمتنع عن الانقطاع بسبب استخدام تقنيات غير تقليدية للعمل اليدوي المستخدمة بفن الرسم والحفر النحت على مختلف المواد الخام المتاحة آنذك لصنع منحوتات مذهلة حققت شهرتهم العالمية لاحقا!!
هذه التحفة الأدبية اليونانية الشرقية القديمة لها أهميتها الخاصة ولا تزال تجذب انتباه الشعراء والكتاب والمبدعين الفنيين لما لها من خصوصيتها وموضوعاتها الثابتة المؤثرة لبقية العالم المتحضر حديثا عبر قرنين بخلاف عصر النهضة الأوروبية ايضا.. لذلك فان وجود دليل بهذا النوع أمر ضروري لفهم السياقات النظرية لأسباب نجاح الانتاج المعرفي لشعوبنا السابق وتعزيز ثقافتنا العربية الإسلامية المحافظة كونها تساهم بإعادة الاعتبار لطرق التعامل العقلي تجاه مفردات الحياة العامة للمجتمع العربي الحديث وفق المنظور الديني المعتدل المعتمد على حسن فهم النصوص الدقيقة للقرآن الكريم والسنة المطهرة .
