تقطن بلاد الرافدين، والمعروفة أيضاً باسم "بلاد ما بين النهرين"، في الجزء الجنوبي الغربي لقارة آسيا، تحديداً حول مجرى نهري دجلة والفرات. هذا الموقع الفريد منح الأرض خصائص فريدة جعلتها موطن أولى الحضارات البشرية منذ أكثر من ١٤ ألف سنة مضت. وكانت هذه الفترة هي البدايات الأولى عندما بدأت مجموعات بشرية صغيرة تعتمد على الزراعة وتربية الحيوانات، مستفيدة من التربة الخصبة والنظام المناخي المناسب لها.
إن توفر المياه الوفيرة عبر نهرَي دجلة والفرات سمح بتشكيل شبكة ري متقدمة ساعدت سكان المنطقة على توسيع رقعة الأراضي القابلة للاستزراع بشكل كبير، مما أدى لتكوين مدن مزدهرة ومعقدة. وقد شهد تاريخها العديد من الممالك العظمى مثل سومر وأكد والبابلية وغيرها الكثير، كل واحدة منها تركت بصمتها الخاصة وحصيلة معرفية غنية تشكل أساس الحضارة الحديثة فيما بعد.
أما بالنسبة لجغرافية المنطقة، فهي تنقسم لنصفين رئيسيين: شمال خصب بطبيعته مليء بالتلال والسهول الخلابة والذي يعود فضله للأمطار السنوية الغزيرة والأنهر المتعددة المتعرجة فيه بما فيها دجلة والفرات نفسهما. أما نصفها الجنوبي فهو عبارة عن منطقة ساحلية واسعة تضم المستنقعات الضحلة ولكن مع محتواه المعدني الثمين ونوعيته الوافرة من موارد طبيعية أخرى دعم حياة السكان هناك رغم تحديات البيئة الصحراوية القاسية.
وفي نهاية المطاف، فإن تسميتها بـ"بلاد الرافدين" تعكس تماماً دور الماء كمكون أساسي لحياة شعبها وثرواته الطائلة سواء الآن أم خلال عقود طويلة من الماضي الثقافي والإنساني الغني.