تعود جذور انهيار الدولة الأغلبيّة إلى مجموعة معقدة ومتشابكة من العوامل التي أثرت على استقرارها السياسي والاقتصادي والعسكري. كانت هذه الدولة، التي أسسها إبراهيم بن الأغلب عام 800 ميلادي، تعد إحدى أقوى الدول الإسلامية خلال القرنين التاسع والعاشر الميلاديين. ومع ذلك، فقد شهدت فترة طويلة من الضعف الذي أدى في النهاية إلى سقوطها.
من بين أهم هذه العوامل الداخلية تنافس القادة المحليين على السلطة والتدهور الاقتصادي الناتج عن الإدارة الفاسدة وانعدام الاستقرار الاجتماعي. كان الصراع المستمر حول الحكم داخل عائلة الأغالبة أحد الدوافع الرئيسية للتراجع التدريجي للقوة المركزية للدولة. بالإضافة لذلك، ساهمت سياسات الضرائب غير المنصفة وزيادة الدين العام بشكل كبير في تفاقم الوضع الاقتصادي المتردي.
كما لعب الخارج دورًا حاسمًا في نهاية الأمر بحكم الأغالبة. إن الحملة العسكرية الفاطمية لعام 909 م والتي انتهت بتأسيس الخلافة الفاطمية شكلت نقطة تحول رئيسية في تاريخ المنطقة. ولكن قبل هذا الحدث الجوهري مباشرةً، تعرضت الدولة لقصف متواصل من الغزوات البربرية وانتفاضات الرعايا الذين ثاروا ضد الظلم الحكومي وشعروا بالإقصاء بسبب التركيز الزائد للحكومة حول مصالح الطبقات العليا فقط.
في المجمل، يمكن وصف حالة انهيار الدولة الأغلبيّة بأنها نتيجة طبيعية لمجموعة من المشاكل الهيكلية والقضايا العرضية التي بدأت بالظهور بعد عدة عقود من الرخاء والحكم الفعال نسبيًا. وكان لكل منها تأثير عميق على القدرة الشاملة للدولة على التعامل مع تحديات العالم المعاصر آنذاك مما وضع أساسًا لإزاحة حكم الأغالبة وإنشاء حقبة جديدة تحت قيادة الفاطميين.