يُعتبر كلٌّ من الإسمنت الأبيض والجبس مواد أساسية شائعة في العديد من مشاريع البناء والتشطيب الداخلي؛ ومع ذلك، هناك اختلافات جوهرية بينهما فيما يتعلق بمكوناتهما وخصائصها الفيزيائية والكيميائية واستخداماتهما المتعددة. سنتناول في هذا المقال المقارنة التفصيلية للإسمنت الأبيض والجبس من منظور بيولوجي وتكنولوجي لمعرفة الاختلافات الجوهرية بينهما بشكل أكثر تفصيلاً.
في الأصل، يصنع الإسمنت الأبيض باستخدام الحجر الجيري والدولوميت كمواد أولية رئيسية بالإضافة إلى الطين والشوائب الأخرى. خلال عملية التصنيع، يتم تسخين هذه المواد بدرجة حرارة عالية جدًا، مما يؤدي إلى تحويل مزيج المعادن الموجودة فيها إلى معدن جديد يعرف باسم "الإسمنت". عادةً ما يحتوي الإسمنت الأبيض على نسبة أقل بكثير من الشوائب مثل أكاسيد الحديد مقارنة بالإسمنت العادي، وهو ما يعطي له لوناً أبيضاً مميزاً يستخدم غالباً في التشطيب النهائي للمشاريع التي تتطلب اللون الأبيض الصافي.
من ناحية أخرى، يختلف الجبس تمامًا في تركيبة ومصدر إنتاجه. فهو عبارة عن معدن طبيعي معروف علمياً باسم ثاني كبريتات الكالسيوم الديهيدرات CaSO₄·2H₂O والتي تنشأ أساسا من رواسب المياه المالحة والمعاجم البركانية وغيرها من البيئات الطبيعية. عندما يسخن الجبس عند درجة حرارة حوالي ١٥٠ درجة مئوية، فإنه يفقد ذرتي الماء ويصبح غير قابل للذوبان نسبيا - يسمى بهذا النموذج بسلفات كالسيوم موحد (أو جبص). وهذا النوع الأخير هو الأكثر استخداماً لأعمال البناء نظرًا لتعدد وظائف الصلصال المستخدم فيه.
بالانتقال إلى خصائص كلا المنتجين، يختلف سلوك تجفيف وكثافة هيكل الاثنين تمامًا. بينما ينقبض الإسمنت قليلاً بعد التجفيف بسبب فقدانه لحرارته الداخلية أثناء تبريد المحلول الملون، فإن الجبس يشهد انكماشا ملحوظاً يصل حتى ٢٪ تقريبًا نتيجة لفقدانه لكميات كبيرة جداً من الرطوبة خلال مرحلة التحضير والتصلد الأولى قبل الوصول للنقطة الحرجة الثانية للتصلد النهائي حيث تعود كثافته تدريجيا لمستواه الطبيعي بدون تغييرات существенная أخرى لاحقا. وبالتالي يمكن القول إن قوة تحمل وزن الأحمال تعتمد بشكل مباشرعلى نوع الاسمنت المستخدَم بناء عليه سواء كان اسمنتا عاديا أم إسمنت ابيض . أما بالنسبة لقوة القص والقوة الانضغاطية فهي أعلى نسبيًا في حالة الإسمنت الأبيض بالمقارنة مع الجبس وذلك يرجع لاستقرار التركيب المعدني الخاص بالإسمنت الأبيض مقارنة بالجبس والذي قد يتسبب وجود الشوائب ضمن جزئه الداخلي بتغير بعض خواصه الفيزيائية مما يؤثر مباشرة علي قدرتها علي مقاومة الضغط والحمل الثقيل مقارنة بنظيره الآخر.
وفي نهاية الأمر، يعد اختيار المنتج المناسب أمر حيوي لكل مشروع بناء أو تشطيب داخلي لأنه سيؤثر بدوره على فعالية وأمان المبنى برمته. لذلك يجب أخذ عوامل متعددة بعين الاعتبار منها الغرض الوظيفي والنظام الجمالي المرغوب والأداء طويل المدى والاستدامة المالية والإدارة الأمثل للنفايات أيضًا. ومن هنا نرى أهميته القصوى لإرشادات مهندسين متخصصين لمساعدة العملاء لاتخاذ قرار مستنير وفق احتياجات موقع العمل الخاصة بهم بكل دقة وثبات.