تتجلى عظمة لغة القرآن الكريم واتساعها في استخداماتها المختلفة للفعل الماضي، وهو أحد الأفعال الثلاثة الرئيسية في النحو العربي (الماضي والحاضر والأمر). وفي هذا الموضوع، سنستعرض بعض الأمثلة البارزة للفِعْلِ الْمَاضِي التي وردت في كتاب رب العالمين - القرآن الكريم -. هذه الأمثلة تُظهر جمال اللغة العربية وتنوع معناها، مما يجعلها مادة غنية للدراسة والتدبر.
- "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ": هنا نجد فعل "قال" بصيغة المضارع لكن معناه يشير إلى الفعل الماضي؛ لأن القول وقع قبل نزول الآية. وهذا يدل على براعة التركيب اللغوي واستخداماته المتعددة.
- "إِنَّا أَرْسَلْنَا نوحًا إِلَى قَوْمِهِ": الفعل "أرسلنا"، رغم أنه باعتباره فعل أمر يحكي المستقبل، إلا أنه يستخدم هنا لاستحضار الحدث التاريخي لنزول الرسالة والاستجابة لها.
- "وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَمْلِكُونَ لَهُمْ نُصْرَةً وَلا ضَرَرًا": كلتا الجملتين تستخدمان "لا يملك" والتي تدل على عدم القدرة أو ملكية الشيء بالفعل وليس حالياً.
- "وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ": الفعل "بنينا" هو مثال آخر للفعل الماضي الذي يُستخدم للإشارة إلى حدث تاريخي ثابت وحقيقة مستمرة عبر الزمن.
- "وَلَمّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِيضًا فآذَنّوا بقدوم المُقيم*": في هذه الآية، تمثل كلمة "فتوحوا" ومشتقاتها مثل "وجدوا وآذنوا" ثلاثة أمثلة مختلفة ومترابطة للأفعال الماضية. فهي توضح كيف يمكن لهذه الأفعال العمل جنباً إلى جنب لتكوين رواية كاملة وذات معنى داخل سياق واحد.
هذه فقط بعض الأمثلة العديدة الموجودة في كتاب الله عز وجل، حيث يتمتع الفعل الماضي بمكانته الخاصة ضمن بناء الجمالية والقوة اللغوية للنص القرآني العظيم. إن استخدامه الدقيق للتعبير عن الأحداث الماضية والحقائق الحتمية يعكس عمق وفخامة نظام اللغة العربية الواسع وشاملة للغاية.