تعتبر الرياضيات أحد الأركان الرئيسية التي تبنى عليها العديد من مجالات الدراسات العلمية، ومن أبرز تلك المجالات هي الكيمياء. ليس فقط لأن الرياضيات توفر أدوات لحساب ومعايرة الكميات، ولكن أيضًا لتوضيح المفاهيم النظرية المعقدة وتقديم رؤى حول طبيعة العالم الفيزيائي.
في مجال الكيمياء تحديدًا، تلعب الرياضيات دورًا حيويًا في تحليل البيانات والتوقعات التجريبية. بدءًا من حسابات البنية الذرية والجسيمية حتى وصف العمليات الكيميائية المعقدة، تعمل الرياضيات كأساس أساسي لكل مرحلة تقريبًا.
على سبيل المثال، في قياس المواد، يتم استخدام الأدوات الهندسية -كالوزن والميزان الحرار- لتوفير معلومات رقمية دقيقة. هنا يأتي دور الرياضيات حيث تساعد في تحويل هذه القراءات إلى وحدات موحدة ووصف شامل للعينات المختبرة. مثلا، حساب كثافة المادة يتطلب معرفة كيفية الربط بين كتلتها وحجمها عبر مفاهيم رياضية بسيطة.
بالإضافة لذلك، تعتبر عملية تحويل الوحدات جانب آخر هام حيث تمكن علماء الكيمياء من العمل بكفاءة بغض النظر عن النظام القياسي المعتمد عالميًا. هذا يشمل تحويل درجة حرارة الجسم سواء كانت بوحدات كيلفن أو فهرنهايت أو سلسيوس، وهي جميعها مرتبطة ببعضها البعض بواسطة معادلات رياضية.
وفيما يخص تصنيف الذرات، فإن الرياضيات تساهم بكثافة في تنظيم وترتيب العناصر وفقًا لشخصياتها المشتركة ضمن الجدول الدوري الحديث. فعلى مستوى الذرات نفسها، هناك حاجة لفهم ديناميكيتها الكهرومغناطيسية وكيف تؤثر على ثبات الحالة الطاقة للأيونات والأكسدة. كل هذا يتم توصيله رياضيًا من خلال قوانين الفيزياء والقوة الكهرومغناطيسية.
ومن أهم وسائل الرياضيات المستخدمة في الكيمياء هي نسب التركيب الجزئي للجزيئات. كذلك الجبر والرسومات البيانية ضرورية لتفسير نظريات علمية مختلفة وإظهار الاتجاهات العامة للتفاعلات الكيميائية. بالإضافة لذلك، حساب التفاضل والتكامل يساهم بشكل كبير في تنبؤ المعدلات الزمنية للتغييرات الكيميائية أثناء التجارب العملية. وأخيرا وليس آخرا، يعد احتمال حدوث نتيجتين مختلفتين أمر مألوف في الاختبارات الكيميائية، وهنا تأتي أهمية الاحتمالية والإحصائيات لتحديد احتمالية نجاح التجربة ومتوسط النتيجة المرجحة.
وبالتالي فإن مستويات عدة من المنطق والعقل والحساب الرقمي المتقدم مطلوب داخل مختبرات الكيمياء الحديثة لإنجاز ذلك بحرفية واحترافيّة عالية المستوى.