أول من اخترع العملات المعدنية: رواية التاريخ القديم للنقود

كان العرب يقولون "الذهبُ يُقيمُ الناس"، وهذا يعكس أهمية المال عبر الزمن. لكن من هم الذين سبقونا وتوصلوا لهذه الوسيلة الثورية لتبادل السلع والخدمات؟ إن

كان العرب يقولون "الذهبُ يُقيمُ الناس"، وهذا يعكس أهمية المال عبر الزمن. لكن من هم الذين سبقونا وتوصلوا لهذه الوسيلة الثورية لتبادل السلع والخدمات؟ إن مفتاح فهم هذا الأمر يكمن في عودة زمنية طويلة نحو حضارة الـ"ليديا" في تركيا الحديثة -أو بالأحرى، المنطقة الواقعة بين أوروبا وآسيا الغربية-. هناك، تحت حكم الملك كرويسيوس، قامت ولادة نادرة. إنه ليس فقط اختراع الجهاز الحديث للإنساني المُدرك للقيمة الاقتصادية المشتركة، وإنما أيضا بداية انتصار للمساواة التجارية.

أولى الشهادات المنقوشة تأتي من المؤرخ اليوناني هيرodotus، الذي يرجع الفضل فيه بشكل تقليدي لإعطاء العالم أول نظرة حقيقية حول ظهور العملات المعدنية حوالي العام 600 ق. قبل الميلاد. وفقا له، فقد قام الليديون بإصدار أول قطعة معدنية لها رمز خاص بها -الأشهر منها يحمل صورة أسدين مقابل أسد وثور-. هذه العملية لم تكن مجرد خطوة تكنولوجية بسيطة؛ بل كانت تحولا هائلا في طريقة التعامل التجاري العالمي حتى اليوم.

ومن الجدير بالذكر هنا شخصية أخرى مظلومة نسبيا وهي الملك غيغس I، والد كرويسيوس. بعض الخبراء يشيرون إلى أنه ربما يكون قد قدم الخطوط الأساسية للنظام الثنائي للعلاقات المالية المبنية على ذهب ونحاس نقي. ولكن تبقى قصة كرويسيوس الأكثر شهرة لأنها تركت بصمة عميقة جدا في تاريخ البشرية.

لم يكن النظام المالي الجديد محصورا داخل حدود مملكته الصغيرة آنذاك. سرعان ما امتدت موجة الابتكار إلى مختلف أرجاء الإمبراطورية الفارسية بعد الغزو الناجح للفarrsians في سنة 546 قبل الميلاد. ومن خلال مرور الوقت، أصبح تأثير الاختراع الليدي واضحا أكثر وأكثر مع انتشاره شرقا وغربا. لقد شهد المجتمع الصيني، مثلا، تطوير أنواع جديدة من العملات مثل تلك التي كانت مصنوعة من البرونز وكانت شبيهة بسكين أو مجرفة. أما الرومان فاستخدموا النحاس الثقيل بكثافة كمصدر رئيسي لصنع العملات الخاصة بهم ابتداء من ثلاثمئة وعشرين عاما قبيل ميلاد المسيح عليه السلام. وفي كل مكان تجول فيه الإنسان، وجدت لنفسها مكانا وسط حركة الحياة اليومية التي تتطلب سهولة تبادل السلع والخدمات.

إن فن التصميم الخاص بتلك القطع النقدية الأولى يعد أحد الجوانب المثيرة للاهتمام الأخرى ضمن رواية نشأة الأموال الأولى. فالمعادن رغم كونها متينة وصقيلة بما يكفي للتحويل باستخدام التقنيات البدائية لذلك العصر إلا أنها ليست الوحيدة المستخدمة للقطع النقدية طبعا! يمكننا رؤية ذلك عند النظر للقسط الصدفي الهندي حيث يتم صنع أشرطه نحاسية مكتوب عليها ست علامات رسمية خاصة بالحكومة وتم تصويرها بطريقة تبدو وكأنها قاربه صغيره أثناء الانطلاق باتجاه البحر .

هذه الرحلة عبر التاريخ تقدم لنا دروسا قيمة حول المرونة والإبداع الإنساني واستعدادنا للتكيف والاستجابة للتحديات الجديدة والمستقبل الوظائف والتجارب المتنوعة التي توفر فرصًا كبيرة لكل عصر وحضارة جديدة ذات فلسفات مختلفة ولكن مشتركة المصالح والثقة المتبادلة فيما بينهم جميعا...


عاشق العلم

18896 مدونة المشاركات

التعليقات