تُعتبر رحلة تلسكوب هابل الفضائي خارطة طريق لتقدم علوم الفلك الحديث. يُطلق عليه اسم عالم الفلك الشهير أدوين هابل تكريمًا لعمله الرائع في مجال دراسة النجوم والمجرات. منذ انطلاقه الناجحة عام ١٩٩٠، أصبح تلسكوب هابل رمزًا للتقدم العلمي الهائل، مستكملاً دورَه كأكبر وأدق تلسكوبات الفضاء حتى الآن.
يتمثل جوهر عمل تلسكوب هابل في تركيز الضوء بشكل مذهل من خلال مرآته الكبيرة ذات القطر ٢٫٤ متر مما يسمح بتسجيل صور مفصلة للغاية للأجسام البعيدة جداً. يتمتع الموقع المداري لهذه الآلة المتقدمة باستراتيجية فريدة؛ إذ أنه فوق طبقات غلاف أرضنا الذي يحجب معظم أشعة الفوق بنفسجية والأشعة تحت الحمراء - وهي طيف من الموجات الكهرومغناطيسية التي تعد ضرورية لدراسات عميقة للكون. وهذا يُمكن التلسكوب من تقديم رؤى متعمقة للسماء ليس بإمكانه الوصول إليها أي جهاز آخر.
من بين مزايا هذا الجهاز المتفرد تصويره عالي الوضوح للأجرام المسماة "الأجرام القديمة"، تلك التي يمكن أن تكون محاطة بغبار كثيف. وبفضل ذلك، يستطيع علماء الفلك تحليل تركيباتها الداخلية بشكل مباشر ولم يكن ممكنًا سابقاً بسبب حاجز الغبار المؤرق لهم. بالإضافة لذلك، قام تلسكوب هابل بدور بارز في تأكيد نظرية الثقوب السوداء من خلال مراقبة آثار جاذبيتها الشديدة على المواد بالقرب منها. وهو أيضًا أول من اكتشف الأقمار التابعة لكوكب بلوتو ومنجز مكاسب كبيرة في مجال البحث حول التشكل المبكر للنظام الشمسي بما فيه تشكل مجرتنا المنزلية – مجرة درب التبانة نفسها.
هذه مجرد عينات قليلة لما حققه تلسكوب هابل وما زال يجريه ضمن مساهماته الحيوية لعلم الفلك الحديث. وقد ساهم تصميمه الاستثنائي وقدرته التحليلية العملاقة في فتح آفاق جديدة تمامًا أمام المجتمع الدولي للعلم والمعرفة. إن جهوده بدأت في تحديد العمر المطلق للكون بحوالي ١٣,٨ مليار سنة واكتشفت تفاصيل دقيقة حول اندماج نجوم ضخمة وإشعاعات حرارية عالية وخفايا ظاهرة السحب الكونية وغيرها من الظواهر الجميلة والقاسية للإنسانية الفيزياء النظرية!