تعد دراسة الجغرافيا الاقتصادية مساراً حيوياً لفهم كيفية تأثير الموقع الجغرافي وبنية الأرض على الأنشطة الاقتصادية المختلفة. هذه النظرية تجمع بين علم الاجتماع الاقتصادي والجغرافيا لتوفير فهم أكثر شمولاً لكيفية عمل العالم. بدءاً من نظرية "الاستخدام القياسي للأرض"، التي طورها هانز هولزيرث، إلى مفهوم "التوازن الإقليمي" الذي اقترحه فالديمار لودويج ووالتر إسخلر، تتطور النظريات بشكل مستمر لتلبية احتياجات البحث العلمي وتقديم رؤى جديدة حول العلاقة بين الاقتصاد والمكان.
نظرية "الاستخدام القياسي للأرض" تقترح أن قيمة قطعة أرض معينة تعتمد على ثلاثة عوامل رئيسية: موقعها بالنسبة للمراكز الحضرية، نوعيتها الطبيعية، والبنية التحتية المحلية. هذا يعني أنه كلما كانت الارض أقرب إلى قلب المدينة، زادت قيمتها بسبب سهولة الحصول على الخدمات والبنية التحتية. أما النوعية الطبيعية للارض فتتأثر بالقابلية الزراعية وجودة التربة والمناخ. وأخيرا، البنية التحتية مثل الطرق والجسور والشبكات الكهربائية تؤدي دوراً كبيراً في تحديد قيمة العقارات.
وفي المقابل، تشدد نظرية "التوازن الإقليمي" على أهمية تبادل السلع والخدمات عبر المناطق المختلفة. يقترح بأن مناطق مختلفة يمكن اعتبارها خاضعة لنفس الضغط للتكيف مع بعضها البعض لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. وهذا ما يعرف بالتبادل التجاري الحر. ومع ذلك، قد يحدث عدم توازن نتيجة لعوامل متعددة بما فيها الاختلافات الثقافية والتاريخية والفوارق الاجتماعية والاقتصادية.
بالإضافة لذلك، هناك العديد من النظريات الأخرى في الجغرافيا الاقتصادية والتي تعمق فهماً للعلاقات المعقدة بين البيئة الطبيعية وقرارات الأعمال والاستراتيجيات الحكومية. إحدى هذه النظريات هي "نظرية الانحدار نحو المركز"، والتي ترى أن الناس لديهم ميل طبيعي للإقامة والقرب من مراكز المدن الرئيسية بسبب توفر الفرص الوظيفة والثقافية والمعيشية الأعلى. بينما تهتم نظرية "النطاق الثري" بإظهار كيف يؤثر المسافة والنقل على تكلفة الوصول إلى السوق وكيف يمكن لهذه العوامل التأثير على decisions التجارية والإنتاج الصناعي.
بشكل عام، تعد نظريات الجغرافيا الاقتصادية أدوات أساسية لفهم ديناميكية الأسواق العالمية والعلاقات بين السكان والبيئات الطبيعية والأحداث البشرية المصنوعة. إنها دعوة لتعميق الدراسات المتعلقة بالتنمية المستدامة والحفاظ على الموارد وحماية البيئة ضمن السياقات الاقتصادية الحديثة.