تُعتبر الفلسفة الوضعية أحد أهم الاتجاهات الفلسفية التي ظهرت في القرن الثامن عشر، والتي أسست لما يعرف بالإبستمولوجيا، أو نظرية المعرفة. سمّيت بهذا الاسم لأنها وضعت شرطا ضروريا لإثبات المعرفة يتمثل في التحقق العملي والملاحظات التجريبية. وبالتالي، فإن الفلسفة الوضعية تنأى بنفسها عن النطاق العقائدي والميتافيزيقي، مؤكدة على مركزية الملاحظة التجريبية والاستقراء كأساس لمنهجيتها.
نشأت الفلسفة الوضعية كرد فعل ضد الهيمنة الروحية والثقافية للكنيسة المسيحية في أوروبا، بالإضافة إلى تأثير النهضة الإسلامية والعلم العربي على الفكر الغربي آنذاك. وقد ساهم كلٌّ من فرانسيس بيكون وأوغست كونت بشكل كبير في تطوير هذه الفلسفة. بينما رأى بيكون حاجة للتحديث فيما يسميه "الأورجانون الجديد"، اعتبر كونت مؤسساً حقيقياً لها عبر طرحه لمبدأ القطيعة مع الميتافيزيقا والدين لصالح الاعتماد على الطرق العلمية التجريبية.
فنظرية كونت الرئيسية تصف المسار التاريخي للإنسان نحو تقدم ثقافي وفكري مستمر يكمن فيه نقد المعرفة التقليدية المبنية على السلطة والميثولوجيات واستبدالهما بإطار مفاهيمي أكثر عقلانية وصرامة علمية. وفي نظره، تعددت مراحل تقدم المجتمع البشري ثلاث مراحل رئيسة؛ الأولى تتمثل في مجتمعٍ دينياً يعظم الحقيقة المقدسة والقوة الخارقة، ثم يأتي بعد ذلك المجتمع الأخلاقي المتسم برشد اجتماعي ضمن منظومة أخلاقيات مطلقة، أخيرا، يصل الأمر لمرحلة المثالية المعرفية أو الوضعية التي ترتكز فيها الحقائق الاجتماعية على حقائق علمية خالصة يمكن قياسها ومراقبتها باستمرار ودقة عالية.
تركز الفلسفة الوضعية أيضا اهتماماتها على علم الاجتماع باعتباره مجال الدراسات الأكثر تأهيلاً لاستخدام المناهج الإحصائية العددية والمسائل الكمية الأخرى لتحليل الظواهر الإنسانية ومعالجتها عمليا مما أدى لاحقا لنشوء مدارس دارساته المختلفة مثل المنطق الاجتماعي والإيجابية القانونية وغيرهما الكثير حسب رؤى مختلفة لكل مدرسة ولكل عالم خصوصيته وطريقته لفهم الواقع بما يتوافق ويتفق مع تلك الرؤية العامة للحركة الوضعية ككل.
ومن هنا نشاهد كيف سعى المؤسسين لبناء دعائم نظام جديد قائم علي أسس ثابتة قابلة للتحقق وإنشاء طريقة جديدة للسير بالمعرفة الإنسانية بعيدا عن دائرة الجدل القديم حول مسائل ميتافيزيقية تافهة عند البعض ولم تلحق بنا شيئا ذا جدوى العملية منذ آلاف الأعوام إذ بدأنا الآن بتطبيق أعلى مراتب العلم التطبيقى العالمي الحديث والذي يقود العالم للعصور الجديدة والتغيير النوعي لحاضر مستقبل الانسانيه جمعاء باتجاه طريق البدائل الواعدة المستند إلي حقائق تجريبيه مرئيه وشهادات مشاهدة حاضرات دائمآ