في الـ14 مايو عام 1955، شهد العالم ولادة تحالف جديد تحت اسم "اتفاقية وارسو"، والتي عرف أيضاً بحلف وارسو. هذا التحالف الأمني والدفاع المشترك أسسه ست دول دولة أوروبية شرقيّة - وهي تشيكوسلوفاكيا، رومانيا، بولندا، المجر، بلغاريا، وألمانيا الشرقية - بالإضافة إلى الاتحاد السوفيتي كزعيمة رئيسة للحلف.
كانت دوافع إنشاء هذا التحالف واضحة؛ لتحقيق هدف مزدوج استراتيجي: تعزيز القدرات الدفاعية لأوروبا الشرقية ضمن الاستراتيجيات العسكرية السوفيتية، وتعزيز سيطرتها السياسية داخل المنطقة أثناء فترة الحرب الباردة. وكان تصرفًا مباشراً من موسكو ردًا على دخول جمهورية ألمانيا الفيدرالية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بمقتضى معاهدة باريس المبرمة سنة ١٩٥٤.
نصت الاتفاقية بشكل واضح على وجود قيادة مشتركة ووحدة عسكرية موحدة للحلفاء الأعضاء فيه. كما سمحت بوجود وحدات عسكرية سوفياتية دائمة على أراض الدول الأخرى المشاركة حسب ما ينص عليه نص المعاهدتين الرئيسيتين للأمر والذي يعرف الآن بــ"معاهدة الصداقة والتآزر والمصالح المتبادلة".
ومع مرور الوقت بدأت بوادر مقاومة الشعب تقوى ضد الحكم الشيوعي المستبد مما أدى إلى اندلاع سلسلة ثورات شعبية متلاحقة عبر عدة دول تابعة للحلف بما فيها هنغاريا, بولندا, ودولة ألمانيا الديمقراطية ذات يومٍ من أيام العام الميلادي الماضي رقم تسعمئة وثمانية وتسعون ميلادية مصحوبا بإصلاحات سياسية اقتصادية كبيرة نسبيا شكلت بداية النهاية لتلك الحقبة التاريخية العصيبة والتي سببت الكثير من الآلام للشعوب الأوروبية عموما وشعوب اوروبا الشرقية خصوصا . لم يعد هناك مكانٌ للإرهاب الأحمر وحروب الأفكار الضارية وسط أجواء الحرية الجديدة المنتشرة بكامل مناطق غرب وجنوب قارته الأم ، فكانت نهاية الأمر هلاك تنظيماته تماما عقب زوال حكم جلاده الأكبر (الاتحاد السوفييتي). إذ أنهى كافة مؤسسات المنظومة المدمرة عملها نهائيا بتاريخ الواحد من يوليو لعام ألف وتسعمائة وإحدى عشرة ميلادية بالإقرار الرسمي لمنظماتها الرئيسية المتمثلة بالحكومات الناشئة حديثا عضوات سابقينات بنظام العهد السابق , غير مؤكد مدى ارتباط ذلك الحدث بتغيير نظام الحكم المركزي آنذاك ولكنه حتما حدث فيما يسمى بالعصر الرئاسي الروسي الثلاثيني المحسوب علي ميخائيل غورباتشوف وما صاحبته من تطورات عميقة داخليا وخارجيا نحو الانفتاح الاقتصادي العالمي والإصلاحات الداخلية واسعة النطاق تراوحت بين تخفيف العقوبات القانونية المقيدة واستقلالية الإعلام وانتخابات نزيهة انتخاب رؤساء مستقبل البلاد وفق آلية صناديق اقتراع شعبية مباشرة وكافة حقوق الإنسان المكفولة دستوريا ومقرونة نقابتها الدولية ذات الاختصاص الدولي منذ عصر النهضة الحديثة المبكرة والتي بدورها اعتبرت أحد أهم عوامل نجاح التجربة الاشتراكيه الطامحه حينها وتحويل مسارات المجتمع التقليديه المعتمدة عليها طيلة قرنين كاملين ليصبح جزء منهم مجرد ذكريات قديمه ليس إلا ! هل يمكن اعتبار هذا المصير هو نتيجة طبيعية لما تناوله النصوص التفاوضية الخاصة باتفاقيات وارشو أم أنها مجرد صدفة تاريخيه ؟! يبقى جواب مثل تلك الاسئلة محل جدل وفكر مستمر حتى اليوم ولايزال مجال البحث مفتوحا أمام المهتمين بالأحداث المؤسسة للعلاقات القائمة حاليا بين كيانات السياسة العالمية المختلفة حول العالم الحديث الحالي.