تعد النظرية الوضعية التي طرحها الفيلسوف الفرنسي أوجست كونت (1798-1857) أحد الأثرى الأفكار الفكرية في القرن التاسع عشر، والتي ساهمت بشكل كبير في تطوير الفلسفة الاجتماعية والعلمانية الحديثة. يعتبر كونت مؤسس ما يعرف بالوضعية، وهي مدرسة فكرية تؤكد على أهمية العقل التجريبي والملاحظة المباشرة كأساس للفكر الإنساني.
بدأ كونت حياته الأكاديمية كمدرس لعلوم الرياضيات والكيمياء قبل أن ينقلب إلى دراسة علم الاجتماع والفلسفة. تأثرت أفكاره بشدة بثورة فرنسا عام 1789 وبازدياد الاحتجاجات العمالية والفوضى السياسية التي شهدتها أوروبا خلال تلك الفترة. سعى كونت من خلال وضحياته إلى تقديم نهج جديد للبحث العلمي الاجتماعي قادر على مواجهة هذه التحديات وتوفير حلول عملية لها.
في كتابه "دروس فلسفية في الفيزيائية السوسيو-رياضية"، نشر كونت أولي مبادئ نظرته الوضعية. ووفقاً له، يمكن تقسيم تاريخ البشرية إلى ثلاث مراحل رئيسية: اللاهوتية، والميتافيزيقيا، ثم الوضعية نفسها. وفي كل مرحلة من هذه المراحل الثلاثة، يتم استبدال نوع واحد من التفكير بنوع آخر أكثر دقة وأكثر موضوعية.
بالانتقال إلى المرحلة الثانية - الميتافيزيقيا- يُشير كونت إلى اعتماد الناس على تفسيرات غير طبيعية للأحداث اليومية، مثل الاعتقاد بأن الأمراض سببها الشياطين أو الكائنات الخارقة الأخرى. ومع ذلك، فإن ظهور العلوم الطبيعية في عصر النهضة أدى تدريجياً إلى تحول المجتمع نحو فهمٍ أكثر منطقية للعالم المحيط بنا. ولكن بالنسبة لكونت، ظل هذا التحول ناقصا لأن علماء الميتافيزيقيا كانوا لا زالوا يؤمنون بمجموعة معينة من الحقائق المطلقِّة خارج مجال التجارب العلميَّة القابِل للتأكيد والإثبات empirical testing .
وفي النهاية جاء دور الوضعيين؛ فهو يشير إلى فترة البحث المجرد الذي وصل إليه العلم الحديث والذي يسمح لنا بإيجاد روابط بين الظواهر المختلفة بناءً فقط على البيانات المستخلصة عبر المشاهدات والتجارب الدقيقة للغاية مما يحقق ثبات الاحتمالات المنطقية Bayes' Theorem ونشأة السببية السببية Causality وتحليل الإحصائي Statistics Analysis وغيرها الكثير... ومن هنا نشأت عدة مجالات جديدة كالاقتصاد Psychology وعلم الجريمة criminology والسيكولوجي Social psychology وكلها تعتمد أساساتها المعرفية على أسس وضعيه Pure Positivism وبالتالي شكلت ريادة واسعة النطاق ضمن ظاهرة اسميتها العامة Anthropological positivism وهو مصطلح غامض بعض الشيء لكنه يعبر عمليا عما أصبح يعرف فيما بعد بالإنسانيات Humanism ومفهوم الشخصية الذات ذات الحدين human nature واستخدام الحكمة العملية Practical Wisdom والحكم الأخلاقي Moral Judgement ...الخ ...إلخ .. إلخ
ختاما ، كان لأوجست كونتي تأثيرٌ هائل ليس فقط داخل عالم الفلسفة ولكن أيضا أثرا واضحا حتى يومنا الحالي سواء كان مباشرة كانتindirectly وذلك بسبب انتشار المفاهيم حول ماهو ممكن وماهو مستبعد مادام مبني علي مجموعة إرشادات موحدة ومناهج ثابتة توضح كيفية الوصول للحقيقة بدلاًمن مجرد افتراضاته شخصية شخصية وإفتراءات فلسفية خالصة كماكانت الحاله سابقآ . إنها حقا بحث ايديولوجي رائع ينصب اهتماماته الرئيسية اتجاه مسعى الانسان اللامتناهي لبناء افضل مجتمع انساني مستقبلي تستند الى ادوات معرفيه وسلوك حقيقيه Scientifically Proved Tools & Behaviors وليس ادوار ثقافه فرض عليها الخارجي External Culture Imposition وجوب أخذ زمام الامور.
