رواية "حول العالم في ثمانين يومًا" هي واحدة من أبرز أعمال الأستاذ الفرنسي الشهير جول فيرن، والتي تنتمي إلى نوع الأدب المعروف باسم "الخارق الطبيعي". تبدأ الرواية بشخصيته الرئيسية، فيرجيل فولتس، وهو رجل أعمال بريطاني يحضر اجتماعات نادي ريتشفورد للغرباء في لندن. هنا، تحدى فولتس الأعضاء بإتمام رحلة حول العالم خلال فترة زمنية قياسية، وهي 80 يوماً فقط. ومعظم الحاضرين اعتبروا هذا تحديًا مستحيلاً نظرًا للتكنولوجيا المتاحة آنذاك. لكن رغم الشكوك، تم عقد الرهان بمبلغ كبير.
مع بداية الرحلة، يغادر فولتس برفقة خادمه باستيان باش بالارد مدينة لندن نحو سويسرا ثم مصر والصين وهونج كونج قبل الوصول إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأخيراً عودتهم مرة أخرى إلى لندن. أثناء سفرهما، يقع فولتس وباش بالارد ضمن ظروف مختلفة وضغوط شديدة تقودهما للاستعانة بالمخبر جان فارناس الذي تسعى الحكومة البريطانية خلفه بسبب اتهامه بسرقة أغلى قطعة جوهرة بالعالم. وعلى الرغم من العلاقات المشبوهة بين الشخصيات واتخاذ بعض القرارات الغريبة والمعاكسة للعديد منها بشكل مباشر وغير مباشر إلا أنهما يعبران الخط الزمني باتجاه الشرق مما يفوز بها الرهان بخلاف الاعتقاد الأولي والخوف منه.
بالنظر إلى حياة المؤلف الكبير جول فيرن، فقد ولد سنة 1828 في فرنسا وكان مهتماً بالأدب المسرحي والقانون لكنه ترك الأخيرة لصالح شغفه الإبداعي. بدأ مشواره الفني بمجموعة متنوعة من الكتابات القصيرة وصولاً لنشره لأول رواية له عام 1863 بعنوان "رحلة الى قلب الأرض." وقد تأثر عمل "حول العالم في ثمانين يوماً" بقوة بالإنجازات العلمية والفنية الحديثة حينئذ.
يعتبر البعض أن التقارب بين الفن الأدبي والتقدم العلمي هو أمر طبيعي ومتزامن منذ القدم وشهد تطورات كبيرة مع ظهور أنواع جديدة كالخيال العلمي والذي يعد جزء أساسي فيه. تعد قصة "غوليفيرز تراڤلز" لجوناثان سويفت مثال مبكر ومتفرد لهذه الظاهرة بينما تعتبر شخصية فرانكنشتاين لماري شيلي رمزًا واضح لما قد يحدث عند استخدام العلم بدون ضوابط أخلاقية واضحة. إن نجاح رواية "عشرون ألف فرسخ تحت الماء" التي صدرت قبله بثلاث سنوات يؤكد شعبيتها الواسعة لدى الجمهور الأوروبي والعالمي وقت صدورها. إنها حقبة مميزة للأعمال الأدبية الرائدة التي تستمد إلهاماتها مباشرة من الواقع وتحوله إلى أرض خصبة لنظريات مستقبلية مثيرة للاهتمام للقراء المهتمين بهذا المجال الخاص بالسفر والحركة الفلكية والسرد الفانتازي الدائم الجذب حتى اليوم الحالي رغم مرور قرن ونصف قرن منذ تأليفها الأولى.