التسامح هو قيمة أساسية تربط البشرية وتعزز السلام والاستقرار الاجتماعي. إنه قدرة الفرد على قبول الآخر المختلف معه دينياً، سياسياً، ثقافياً، وجنسياً، ومعاملة الجميع بمبدأ العدالة والموضوعية والإيجابية. وهو ضمان لحوار بناء وحياة اجتماعية صحية حيث يتم الاعتراف بحق كل فرد في الوجود والتنوع الثقافي كإضافة للقيمة العامة للأمة.
التسامح ليس مجرد اختيار شخصي؛ بل ضرورة ملحة لبقاء المجتمعات واستدامتها. عندما يغيب التسامح، تنشب الفتن، وينشر العداء والكراهية، ويتفاقم الاحتقان الطبقي. لكن عندما يستوطن التسامح النفوس، تتفتح الأبواب أمام تفاهم جديد يبني جسراً بين الأفكار المختلفة ويعزز الوحدة الوطنية. هذا الجسر يتيح لنا رؤية العالم برؤية أرحب وفكر حر غير مقيد بخوف الاختلاف.
وفي حين أنه صحيح أن التمسك بالقيم الشخصية مهم جداً، إلا أنه يمكن تحقيق ذلك بالتزامن مع احتضان الرؤى المتنوعة الأخرى. فالاختلافات غالبًا ما توفر لنا الفرصة لمشاركة خبرات جديدة واكتشاف رؤى فريدة قد تعزز فهمنا للعالم من حولنا. ومن خلال تبني نهج التساهل، يمكن للأمم فتح أبواب للازدهار الاقتصادي والنمو الاجتماعي - كما رأينا في العديد من الدول الناجحة عالمياً والتي اعتمدت هذه السياسة كنظام حكم فعال.
لكن أهمية التسامح لا تكمن فقط في مكافحة التعصب؛ بل أيضاً في تقديم المساعدة النفسية للإنسان. ففي عصر أصبح فيه الضغط النفسي عاملاً رئيسياً في الإنتاج الإبداعي، يعد التسامح بوابة للسلام الداخلي والأنانة الروحية التي تساعد الأشخاص على تجاوز حدود عقولهم وتحقيق طاقتهم الكاملة وقدراتهم الإبداعية.
وبالتالي، فإن التسامح ليس مجرد فضيلة أخلاقية نبيلة، ولكنه أيضا سلاح ذو حدين يقاوم التعصب ويحفز الاستقرار والثروة الاجتماعية. وكما قال أحد الحكماء يوماً "التسامح يقوي الشخص وليس العكس"، يشكل التسامح قوة حقيقية لكل فرد وكل أمة ترغب حقاً في البناء والسير نحو المستقبل بإيجابية ورؤية واضحة.