يعد القرآن الكريم من أبرز الأمثلة على البلاغة والجمال اللغوي، حيث يتجلى فيه فن البديع في صوره المختلفة. البديع، وهو أحد علوم البلاغة الثلاثة، يهدف إلى تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقه على مقتضى الحال ووضوح الدلالة. في القرآن الكريم، نجد أن المحسنات البديعية تظهر في صورها اللفظية والمعنوية، مما يضفي على النص القرآني جمالاً خاصاً.
من المحسنات البديعية اللفظية في القرآن الكريم الجناس، وهو تشابه الطرفين في اللفظ مع اختلاف معانيهما. مثال على ذلك قوله تعالى: "ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة" (الروم: 55). هنا، الجناس بين "ساعة" الأولى و"ساعة" الثانية، حيث يختلف المعنى بين "القيامة" و"اللحظة القصيرة". كما نجد أيضاً السجع، وهو تواطؤ الفواصل في الكلام المنثور على حرف واحد، مثل قوله تعالى: "الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور" (البقرة: 257).
أما المحسنات البديعية المعنوية، فتتمثل في الطباق، وهو الجمع بين المعنيين المتضادين أو المتقابلين. مثال على ذلك قوله تعالى: "الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور" (البقرة: 257)، حيث يوجد طباق بين "الظلمات" و"النور".
في القرآن الكريم، نجد أن المحسنات البديعية لا تقتصر على عدد محدد من الصور، بل تتنوع وتتعدد لتشمل أكثر من مائة وخمسين محسناً. هذه المحسنات تظهر في آيات متعددة، مما يدل على براعة اللغة العربية وقدرتها على التعبير عن الأفكار والمعاني بطرق مختلفة.
من خلال دراسة المحسنات البديعية في القرآن الكريم، نستطيع أن نرى كيف أن هذه الفنون البلاغية تساهم في إضفاء جمال خاص على النص القرآني، مما يجعله مصدر إلهام للباحثين والنقاد في مجال البلاغة واللغة العربية.