يمثل نمو الفرد خلال مرحلة الطفولة عملية معقدة ومتعددة الأوجه تتضمن تنمية النفس والجوانب الاجتماعية للشخصية. يمكن تقسيم هذه الرحلة إلى عدة مراحل رئيسية تحددها خصائص وسلوكيات محددة. يعتبر فهم هذه المراحل أمرًا بالغ الأهمية للوالدين والمعلمين والمختصين النفسيين لمساعدة الأطفال على تحقيق إمكاناتهم وتقديم الدعم المناسب كلما احتاجوا إليه.
- مرحلة الرضاعة: تبدأ حياة الإنسان بميلاد جديد وبنية جسمانية وعقلانية خاملة. تستمر مرحلة الرضاعة عادة حتى عمر ستة أشهر وقد تمتد لبعض الوقت أكثر حسب الظروف الصحية للأطفال وأسرهم. أثناء هذه الفترة المبكرة جدًا، تكون الحاجة الأساسية هي تلبية المتطلبات البيولوجية مثل الغذاء والحرارة والأمان الجسدي والعاطفي. يلعب التواصل البصري والكلامي دور حيوي هنا لتأسيس الرابطة الأولى بين الأم وطفلها التي تعد أساس الثقة بالنفس والإحساس بالأمان مستقبلا.
- السنوات الثلاث الأولى (من الولادة حتى ثلاث سنوات): تُعرف أيضًا باسم "عصر اكتشاف العالم". هنا ينطلق طفلُكِ في مغامرة بحث عنه لهويتّه الشخصية وعلاقاته الاجتماعية وآليات التعلم لديه؛ فهو يستخدم حواسَّه للتفاعل مع بيئته واكتشاف قدراته الجديدة باستمرار - سواء القدرة على المشي والتحدث بشكل متواصل وحفظ ذكرياته الخاصة وما إلى ذلك. إن تشجيع السلوك المستقل بطريقة آمنة ومراقبة جيداً يساهم بتطوير الشعور بالقيمة الذاتية والثقة عند الصغير.
- سن ما قبل المدرسة (ثلاث إلى خمس سنوات): يحتفل طفلك الآن بفترة تسمح فيه برسم حدود لعالمه الخاص ونموذجه الاجتماعي الداخلي بناءً على التجارب اليومية وكذلك الأدوار المحورية داخل العائلة والمؤسسات التعليمية الأخرى كالحضانة مثلاً. تصبح المهارات الاجتماعية أكثر تعقيدًا ويتعلم كيفية حل الخلافات بسياساتها المكتشفة ذاتياً بالإضافة لفهم مفهوم القواعد المجتمعية العامة والتي غالبًا يتم تطبيقها اول مرة بهذا العمر. يُنظر إليهم جميعا بأنهم مرنون للغاية ويستطيعون التفكير بعدة وجهات نظر مختلفة لكن مقاومتهم قد ترتفع حين يشعر البعض منهم برفض قراراته وإبداعاته المختلفة مما يؤكد أهميته بالنسبة لهم كمصدر للإبداع والابتكار الشخصي .
- سن المدرسة الابتدائية (خمس الى عشر سنوات): يدخل ابنكم عالم الانضباط الأكبر حيث يوجد نظام خاص لكل يوم مدرسي وهو مكان مليء بالمهام الدراسية إضافة لبناء الصداقات خارج نطاق المنزل لأول مرة وقد تحتاج بعض المدارس الي وجود سياسات خاصة بشأن التنمر وغيرها الكثير مما يجعل هذا النوع من المواقف امتحان كبير لمقدرته علي مواجهة التحديات غير التقليدية والصمود أمام الضغوط الخارجية واحترام قيمه ومعاييره الداخلية رغم اختلاف تلك الأعراف الموجودة ضمن البيئة الجديدة تمامًا مقارنة بما اعتاده سابقآ في فترة حضانة الروضة الصغيرة .
- المراهقة والشباب:(١٢-١٨ سنة) : تعتبر هذه الفترات الانتقاليه أحد أصعب فترات الحياة إذ تكتنف تغييرات هرمونية فسيولوجية ونفسية عميقة وكبيرة تؤثر علي شكل حياته وتعاملاته مع الآخرين وذلك لأن دوائر التأثير حول شخصيتَه تضيق عندما يغادر سن الطفولة ليصبح شابًا مسؤولًا بشكل متزايد ولكنه مازال بحاجة لرعاية هادئه ودعم معنويا مناسب لتحسين ثقته بنفسه واستقرار شعورهبالذات وهناك حاجة ملحه لإعادة النظر بالدور الوظيفي للفرد وغرس القيم الأخلاقية المستمدة من الدين الإسلامي لضمان تربيتها جيلاً صالحًا قادرعلى تحمل المسؤوليه وصناعة فرق ايجابي مجتمعيًا واقتصاديًا وثقافيَا كذلك .
6.الشباب البالغون:( ١٩– ٢٥ سنة) : يصل المرء لهذه اللحظة وقد تمركز اتجاه مسار حياته نحو هدفه المنشود ويعيش لحظاته الأخيرة كشخص حر بدون ضوابط خارجية كثيرة كما كانت سابقا ومن المقترحات المهمّة دعم مهارات الاتصال لدى الشباب اثناء تحضيرهم لشغل وظائف جديدة وتمتعهم بحرية الاختيار فيما يتعلق باتخاذ القرار مصاحبين بذلك تقديم النصائح والنصح الهادف لنشر السلامةالعامة والقيم المثلى للمجتمع والديني .
إن هدف عرض مراحل التطور الإنساني هذه هو تسليط الضوء فقط على جوانبه الأكثر شيوعاً وليس تحديد وقت بدقه مطلقاً فقد تخضع للعوامل الفرديه والسياقات الثقافية والفروق الزمنية ولكن بغض النظرعن طول المسافة بين مرحله وأخرى ، تبقى هناك خطوة واحدة مشتركة وهي ضرورة تقديم رعاية نفسيه واجتماعية كريمة لكافة الأفراد منذ ولادتهم وحتى نهاية أيامهُم الأخيرة للحفاظ عليهم وعلى ذواتهم وعلى ترابط العلاقات الإنسانيه المؤثره بالإيجاب بداخل مجتمعنا الواسع لذا فلنحافظ دوماً علما دينيا وفكريا شاملا يقودنا نحو الحق والخير دائماً بإذن الله تعالى .