يُعدّ العالم العربي الإسلامي الشهير "ابن النفيس"، واسمه الحقيقي محمد بن عمر بن علي بن أبي الحسن القرشي الأندلسي المصري، أحد أبرز الشخصيات التي تركت بصمة بارزة في تاريخ الطب والعلم خلال العصور الوسطى. وقد ساهم بشكل كبير في تطوير مجال الجراحة ووضع أسس جديدة لفهم وظائف القلب والدورة الدموية. وفيما يلي بعض أعماله البارزة ومؤلفاته الرئيسية:
شفاء الغليل وصيد الجليل
هذا الكتاب يعتبر واحداً من أشهر كتب ابن النفيس، ويغطي مجموعة متنوعة من المواضيع الطبية، بما في ذلك تشريح الجهاز الدوري والقلب. يُعرف أيضًا باسم "شفاء" وهو عمل موسوعي ضخم يحتوي على تفاصيل دقيقة حول الأمراض المختلفة وعلاجاتها المقترحة. يشرح الشكل الصحيح للدورة الدموية، موضحاً كيفية تدفق الدم عبر الرئتين والأوعية الدموية إلى مختلف أنحاء الجسم. وكان هذا الوصف دقيقًا لدرجة أنه لم يتم تحديه حتى اكتشاف رينيه ديكارت لعلم التشريح الحديث بعد قرون لاحقة. كما تتناول كتابته منهجًا عمليًا للتشخيص السريري والعلاج الطبي بناءً على تجربته الشخصية وبحثه المكثف.
الاقتصاد في الطّب
كتاب آخر مهم لبن نفيسه هو "اقتصاد طب"، والذي يعرض فيه نظرة شاملة للمبادئ العامة للتغذية والنظافة والصحة العامة. يؤكد العمل على دور النظام الغذائي المتوازن والنظام البدني المناسب والحفاظ على النظافة كأدوات أساسية للحفاظ على الصحة وتجنب المرض. بالإضافة إلى توجيهاته بشأن إدارة الأمراض المختلفة مثل الحمى والإسهال والسعال وغيرها، فهو يدعو أيضًا إلى الاعتدال والاعتبار الأخلاقي عند استخدام الأدوية والممارسات العلاجية. وتمثل وجهة نظر ابن النفيس تلك نهجا متكاملاً للعناية بالصحة يشجع الأفراد على التحكم بإرادتهم الذاتية واتخاذ خيارات صحية ذكية.
لقد كان تأثير هذه الأعمال كبيرة جدا؛ فقد ساعدت علماء القرون الوسطى فيما بعد واستخدموها كأساس لتطوير فهم أعمق لأنظمة جسم الإنسان وكيفية تعاملها مع الاضطرابات الصحية المختلفة. إن إرث ابن النفيس باعتباره مبتكرًا مبدعا ولاعب رئيسي في النهضة العلمية الأوروبية المبكرة أمر يستحق الاحترام والتقدير حقا لكل محبي المعرفة الإنسانية وفهم الدور المهم الذي قام به الثقافتان الإسلامية والعربية القديمة تجاه تقدم البشرية نحو مستقبل أكثر معرفة وإنسانية.