يعدّ القرآن الكريم كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو معجزة باقية إلى يوم القيامة. وقد تحدى الله تعالى البشرية جمعاء أن يأتوا بمثله، كما قال سبحانه: "قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتْ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" (الإسراء: 88).
ومن خصائص القرآن الكريم أنه يتضمن الحقيقة والمجاز، وهما عنصران أساسيان في بلاغته وإعجازه. الحقيقة هي ما يقع على موضوعه دون تقديم أو تأخير، وهي أكثر الكلام شيوعًا في القرآن. أما المجاز فهو استعمال اللفظ في غير ما وضع له أصلاً، وهو نوعان: مجاز في التركيب (المجاز العقلي) ومجاز في المفرد (المجاز اللغوي).
يُعتبر المجاز في القرآن من أبرز مظاهر إعجازه، حيث يستخدمه الله تعالى لإبراز معاني عميقة ولتحقيق أغراض بلاغية سامية. وقد اختلف العلماء في وقوع المجاز في القرآن، فجمهورهم على وقوعه، بينما أنكره بعضهم بناءً على شبهة باطلة مفادها أن المجاز أخو الكذب والقرآن منزّه عنه. لكن هذه الشبهة مردودة، لأن المجاز أبلغ من الحقيقة، ولو سقط المجاز من القرآن لكان ذلك نقصًا كبيرًا في بلاغته.
تنقسم أنواع المجاز في القرآن إلى قسمين رئيسيين:
1- المجاز في التركيب (المجاز العقلي): وهو ما يسند الفعل أو شبهه إلى غير ما هو له أصالة لملابسته له، مثل قوله تعالى: "وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيمانًا" (الزمر: 23)، حيث نسبت الزيادة إلى الآيات لكونها سببا لها.
2- المجاز في المفرد (المجاز اللغوي): وهو استعمال اللفظ في غير ما وضع له أصلاً، مثل استعمال "الربح" في قوله تعالى: "فَمَا رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ" (الأحزاب: 10)، حيث أطلق الربح هنا مجازًا على ما ربحوا فيه.
في الختام، فإن الحقيقة والمجاز هما عنصران أساسيان في بلاغة القرآن وإعجازه، ويعدّ المجاز أحد أبرز مظاهر إعجازه، حيث يستخدمه الله تعالى لإبراز معاني عميقة ولتحقيق أغراض بلاغية سامية.