التربية هي العملية التي تتشكل فيها عقول الأجيال القادمة، والتي يمكن اعتبارها أساس بناء مجتمع مستدام ومساهم بشكل إيجابي في العالم. ومع تطوير الأفكار الفلسفية عبر التاريخ، برزت "البراجماتية"، وهي النظرية الفكرية التي تؤكد على أهمية النفع العملي والتطبيق العملي للأفكار والمعرفة. هذه الفلسفة قد تركت بصمتها الواضحة على العديد من مجالات الحياة بما فيها النظام التعليمي العالمي والعربي خاصة.
في سياق التربية العربية الحديثة، بدأت البراجماتية تستحوذ على اهتمام متزايد بسبب التركيز المتزايد على تعليم الطلاب مهارات عملية قابلة للتطبيق في الحياة الواقعية. هذا التحول نحو الاهتمام بالبراغماتية يعكس حاجة المجتمع إلى خريجين قادرين على مواجهة تحديات سوق العمل المعاصر والمستقبلي. فبدلاً من مجرد نقل الحقائق والأصول المعرفية، أصبح الهدف هو مساعدة الطلبة على اكتساب المهارات الحياتية مثل التفكير الناقد، حل المشكلات، والابتكار - جميعها سمات تعتبر أساسية وفقاً لمبادئ البراجماتية.
بالإضافة إلى ذلك، تشجع البراجماتية أيضاً على التعلم المستمر والتغيير المستند إلى الأدلة. وهذا يعني أن برامج المناهج الدراسية وأساليب التدريس لا ينبغي أن تبقى ثابتة ولكن يجب تعديلها باستمرار لتلبية الاحتياجات المتغيرة للمتعلمين وظروف المجتمع. هذا النوع من المرونة والتكيف مع البيئة يشكل جوهر ما يعرف بنظام التربية المبني على البحث العلمي والذي يعتبر جزءاً أساسياً من فلسفة البراجماتية.
ومع ذلك، فإن تطبيق البراجماتية في نظام التعليم العربي ليس خالي تماماً من التحديات. هناك مخاوف حول فقدان قيمة المواد الثقافية والدينية التي غالباً ما تُركز عليها المدارس التقليدية. وبالتالي، فإن الجمع بين هذه العناصر الثمينة والبنية الجديدة للبراجماتية سيكون مفتاح تحقيق توازن فعال بين القديم والجديد.
وفي الختام، يبدو واضحاً أن تأثير البراجماتية على التربية العربية كبير ومتعدد الجوانب. إنه يدفع نحو نهج أكثر حرصاً على التطبيق العملي للمعرفة بينما يحافظ أيضا على الهوية الثقافية والإنسانية. إن فهم ودعم مبادئ البراجماتية سيضع الأساس لجيل جديد من الخريجين العرب الذين هم مجهزين جيداً ومزودون بالمهارات اللازمة لتحقيق نجاح شخصي وإسهام فعّال في تنمية بلدانهم.