يُعد أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشهير بابن أجروم أحد أبرز العلماء المسلمين الذين تركوا بصمة واضحة في مجال اللغة العربية والنحو بشكل خاص. ولد الشيخ ابن أجروم حوالي عام 594 هـ/1198 م في مدينة قرطبة بالأندلس التي كانت آنذاك مركزاً ثقافياً شامخاً. نشأ وترعرع في بيئة غنية بالعلم والمعرفة، مما ساهم بشكل كبير في تشكيل شخصيته العلمية الرفيعة.
تلقى ابن أجروم تعليمه الأولي تحت رعاية كبار علماء عصره، وقد اتسم تفانيه في طلب العلم منذ سن مبكرة. اهتم خاصة بالنحو والصرف، وهو ما برز لاحقاً عندما أصبح معلماً بارزاً لهذه المواد. ومن أهم مؤلفاته كتاب "الآجرومية"، والذي يعتبر مرجعا أساسياً لدراسة القواعد النحوية حتى يومنا هذا. هذا الكتاب يتميز بسلاسته وبساطته، رغم شموليّته للقواعد النحوية الرئيسية.
لم يكن إنجاز ابن أجروم مقتصراً فقط على تأليف الكتب، بل كان له دور مهم كمعلم وموجه للجيل الناشئ من الطلاب. حظيت شروحاته حول النحو والصرف بشعبية كبيرة بين طلاب ذلك الوقت لما تتمتع به من دقة وشرح عميق لكل قاعدة نحوية. بالإضافة إلى ذلك، فقد كتب أيضاً العديد من المؤلفات الأخرى مثل "الإشارات إلى القراءات السبعة" و"فتح الرحمن".
على الرغم من وفاة ابن أجروم في عام 662 هـ/1263 م، إلا أنه لا يزال يُذكر حتى اليوم باعتباره واحداً من رواد علم النحو وأحد الشخصيات المؤثرة في التاريخ الإسلامي والعربي. ترك ميراثاً قيماً يساهم كثيراً في تطوير ودعم دراسة اللغة العربية ونشرها عبر الزمن.