عندما نتحدث عن جوهرة عالمية فريدة تجمع الطبيعة والحياة البرية تحت سقف واحد، فإننا نشير مباشرة إلى أكبر حدائق الحيوان حول العالم والتي تتميز بمجموعات متنوعة ومتفردة من الأنواع المختلفة. رغم وجود عدة معايير لتحديد "الأكبر"، سنتعمق اليوم في تلك التي تعتبر الأولى بناءً على مزيج بين المساحة الشاملة وعدد الأنماط البيولوجية النادرة والمهددة.

على رأس قائمة هذه المتنزهات الرائعة تأتي حديقة هنري دورليت Zoo of Omaha الواقعة في ولاية نبراسكا الأمريكية. تمتد هذه الكنز الأخضر لأكثر من 526,091 متر مربع، وهي موطن لما يقارب 17,000 حيوان ينتمون لـ 962 صنف مختلف. بالإضافة إلى ذلك، تحتضن الحديقة أكبر مصاطب رمال داخلية ومعبد طبيعي غاباتي، بجانب اكبر مظلة زجاجية ذات شكل هرمي تصممته شركة جيوديسي في طيات تاريخ الهندسة المعمارية. إن جمع كلا المعيارين - رقعة الأرض والأصناف الغنية - يجعلها بلا جدال واحدة من أهم المعالم العالمية لحفظ الحياة البرية.

بالانتقال نحو الجنوب، تجتمع في كاليفورنيا إحدى أجمل مناطق جذب للحيوانات البرية؛ حديقة سان دييغو الشهيرة. تغطي الحديقة مساحة كبيرة تقدر بحوالي 404,685 متر مربع، بينما تستضيف مجموعة رائعة من الحيوانات غير العادية بما فيها الكائنات الآسيوية الثمينة مثل الدببة باندا العملاقة. يعد هذا الموقع مكاناً مثالياً لبرامج التربية والإعداد لإعادة توطين بعض الأنواع مهددة الانقراض مجدداً إلى بيئاتها الأصلية بعد تعافيها عبر الرعاية الاحترافية المقدمة لها هناك.

أما إذا نظرنا شرقاً قليلاً باتجاه نيويورك فسنقف أمام شاهد آخر للتاريخ الطويل والمتنوع في مجال تربية وصيانة الحياة البرية وهو متنزه برونكس zoological garden والذي بدأ العمل فيه عام ١٨٩٩ ميلاديًّا. تشغل هذه المنشأة الفريدة مساحة هائلة تبلغ 1,072,417 متراً مربعاً وتضم أكثر من ٤٠٠٠ فرد ينتمون لعشرة آلاف جنس معرض للخطر حسب التصنيف العالمي للأحياء البحرية والبرية المحمية. إنها حقاً شهادة قيمة على التفاني تجاه الحفاظ على التراث الأحيائي واستدامة النوع.

وفي قلب اوروبا تحديدًا، تتبع خطوات هذه المساعي الإنسانية الإنسانية الأخلاقية حديقة حيوان برلين التي أسس منذ العام ثمانمائة وثلاثة عشر للهجرة الهجرية ولم تنقطع علاقات الصداقة والتواصل العلمي بينها وبين مراكز بحث مشابهة أخرى حتى وقتنا الحالي. وتغطي الحديقة الألمانية منطقة واسعة نسبياً مقارنة بالأخرى تكافؤ بها قدرة الاستيعاب السكاني حيث تبلغ طول عرضها ثلاثة وثلاثين كيلومترا وقد أدخلت مؤخراً تولد جديد وشخصيات بارزة مثل دب أبيض قطبي اسمه خان وطفله الوحيد باباو باباو. كل ذلك إضافة لمجموعة حصرية تحتوي على سابق ذكر منها ١٧ ألف مخلوق وحيد القرن الكبير المصنف ضمن اقتباس "أنموذجي خادم خدمة الإنسان". ويتوجه إليها ملايين الأشخاص ممن يحلمون برؤية عجائب الدنيا السبع الجديدة بإحصائية بلغت ٢٫٣ مليون زائر خلال السنة فقط! مما يؤكد رؤيتها المستقبلية كمركز معلومات معرفي وديني رائد على مستوى الدولة والقارة الأوروبية عموما .

هذه ليست مجرد أماكن للاستمتاع برفقة الحيوانات بل هي محطات مهمة في رحلات البشرية لاستكشاف وتعزيز فهمهم للعالم الطبيعي الذي يعيشون فيه.