أبو هلال العسكري، الاسم الذي طالعناه في تاريخ الأدب العربي والفكر الإسلامي، ليس مجرد كاتب وشاعر بارع، ولكنه أيضًا فقيه وباحث لغوي لعب دورًا مهمًا في تشكيل المشهد الثقافي خلال القرن الرابع الهجري.

ولد الحسن بن عبدالله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري في مدينة عسكر مكرم، الواقعة بين بصرة وفارس، في غير موعد دقيق معروف، لكن المؤكد أنه عاش حتى العام 395 هجرية. رغم عدم وجود الكثير من التفاصيل حول طفولته ومسيرته المبكرة، إلا أن الأصلانية الثقافية جعلته يتميز منذ سن مبكرة. تعلم تحت إشراف والده وإمام محلي آخر قبل دخوله مجال التجارة والعودة مجددًا للعلم.

كما برز أبو هلال باعتباره واحدًا من ألمع الشعراء الذين عرفتهم تلك الفترة الزمنية. شعره مليء بالحكمة والملاحظات الاجتماعية الحادة كما يمكن رؤيته ضمن تحفته " إذا كان مالي مال...". هذا العمل جنبًا إلى جنب مع العديد من المؤلفات الأخرى مثل "الصناعات"، "ديوان المعاني" ،"الأوائل"،"التلخيص في معرفة أسماء الأشياء"، "جمهرة الأمثال"،"معاني الأدب"، و "التنصرة" يشكلون جزء كبير جدًا مما نعرفه اليوم عن تراث اللغة والثقافة العربية القديمة.

يعتبر مؤلفه الشهير "الصناعات" دليل حي على مدى عمقه في فهم بلاغة اللغة والدلالة. هنا يؤكد أهميتها مقابل معتقداته الدينية قائلاً إن علوم البلاغة هي الأكثر قيمة بعد المعرفة الإلهية مباشرةً. يسعى الكتاب لاستكمال عمل سابق لجاحظ فيما يتعلق بتحديد نهجه الخاص نحو البلاغة والذي يعكس بشكل واضح توجهات أدبية أكثر منها منطقية وكلامية.

رغم عدم شهرته العامة أثناء حياته الطويلة نسبياً مقارنة بشخصيات أخرى ذات تأثير مشابه، فإن تأثيره الأكاديمي أثمر لاحقا لتقديره كمجدد للفن العربي القديم وتمييزه بأنه رائد فكري بارز داخل مجتمعات عصره المتنوعة.