ولد الشيخ عبد الرحمن بن محمد الصغير بن محمد بن عامر الأخضري البسكري سنة 920 هـ الموافق 1514 ميلادية بمدينة بني طوز، والتي تعرف الآن باسم بلدية الأخضرية شرق ولاية ميلة شرق الجزائر العاصمة. ينتمي لعائلة معروفة بالعلم والتقوى، حيث كان والده الشيخ محمد الصغير مدرسا ومعلماً مشهوراً. كما يعد أخيه الأكبر، الشيخ أحمد الأخضري، عالما بارزا أيضا.

بدأ تعليمه حفظ القرآن الكريم في مسقط رأسه، ثم انتقل لاحقا لدراسة الفقه والأدب وعلم المواريث تحت رعايا العديد من المشايخ البارزين أمثال أبو يحيى بن عقبة في مدينة قفصة، وأبو عبد الله القلجاني في تونس. خلال فترة وجوده هناك، اكتسب معرفة موسعة بالأصول الفقهية العربية والبلاغية بالإضافة إلى دراسته للمنطق والفلسفة. وقد برز تفوقه المبكر عندما قام بتأليف مواد دروس لفصول معينة مما يشير إلى موهبته الطبيعية وإتقانه للتحليل والتوضيح.

ترك لنا الشيخ عبد الرحمن مجموعة غنية ومتنوعة من المؤلفات، منها "السلم المرونق" الشهير في منطقيات الرياضيات وفلسفته، والذي تمت ترجمته إلى عدة لغات بما فيها اللغة الفرنسية. كذلك ألف منظومات شعرية حول الفنون المختلفة مثل البيان والبلاغة وفيزياء الفلك وحساب الأبراج وغيرها الكثير. أما فيما يتعلق بفقهه الحنبلي، فقد كتب مختصرًا نثريًا يسمى "متن الاخضرى فى العبادات".

كانت طريقة تدريس السيد الاخضري تتسم بالحكمة العملية والسلاسة وتجنب التعقيدات غير الضرورية لتيسير الوصول للأفكار الرئيسية للقراء الشباب والحفاظ عليهم وعلى التركيز المناسب أثناء عملية التعلم. ولم يكن الأمر مجرد تقديم معلومات بل توسيط التفكير العقلي وتحفيزه - وهذا واضح تماما عبر شرح مفصل لكل كتبه الخاصة بكل تخصص معرفي مختلف.

تولى الشيخ بعد سنوات طويلة من رحلات الدراسات الجامعية دور المعلم والموجه الروحي داخل مجتمعه المحلي. لقد كان شخصية اجتماعية محبوبة للغاية نظرًا لحسن خلقه وتواضعه وانحيازه الدائم جانب الفقراء والصالحين ممن هم أقل حظاً. ويتضح تأثير تأثير شخصيته الإنسانية بشكل خاص ضمن شعره الغزير المكتوب بمديح للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مما يعكس مدى تقديره واحترامه لهذه الشخصية الإسلامية المقدسة.