اللغة العربية القديمة ليست مجرد لغة، إنها رمز ثقافي دائم يعود بجذوره إلى عمق التاريخ الإنساني. تشير الأدلة إلى أنها واحدة من اللغات السامية التي تطورت في منطقة شاسعة تمتد بين غرب آسيا وجنوبها، والتي كانت موطن شعوب سام بن نوح عليه السلام. تتميز اللغة العربية بصوتيات فريدة ليست موجودة في العديد من اللغات الأخرى، مما يبرز أصالتها وتميزها.
تاريخيًا، يمكن تعقب وجود اللغة العربية إلى حوالي 1500 عام مضت وفقًا للأقدم الأعمال المكتوبة التي توفر لنا تصورًا واضحًا لهذه الفترة الزمنية. غنيةٌ الظواهر اللغوية، فقد احتفظت بتراث من الخصائص الأصيلة بما فيها نظام الإعراب المتطور بالإضافة لصيغ مجموعات التكسير الغنية، وهو الأمر الذي يؤكد الروابط الثقافية العميقة مع اللغات السامية الأخرى.
كان حفظ القرآن الكريم أحد أهم عوامل المحافظة على هذه الجماليات الأصلية للحرف العربي. تعتبر آيات القرآن دليل حي على ثراء ونقاء اللغة العربية古代,معبرا عنها بروائع بلاغية لم تضعف رغم مرور القرون.
تمركزت رحلة تطور اللغة العربية حول عدة مراحل جوهرية. بدايةً، شهدت الانتقال من كتابة الأحرف بدون تحديد أو تشكيلٍ نحو فترة استخدام النقط لتحديد حركة الحروف حسب اعتماد "أبي الأسود الدؤلي". ومن ثم جاء دور "الخليل بن أحمد الفراهيدي"، الذي ابتكر النظام الحالي لحركة الحروف باستخدام علاماته الصغيرة المختلفة لكل حرف سواء فتحاً أو ضماً أو كسرًا. إضافة لذلك، شهد القرن الثامن ميلادي إعادة تنظيم خطوط الكتابات وبروز أسماء واضعين أساسيين هما "نصر بن عاصم الليثي" و"يحيى العدوي". لعب هؤلاء دوراً رئيسياً في وضع الترتيب الهجائى كما نعرفه اليوم والحفاظ بشكل بارز على سلامتها ومتانتها الثقافية الهائلة.
وصل انتشار هذه اللغة الرائدة خارج حدود الوطن الأم ليصبح جزء مهم من الحياة اليومية في الدول الإسلامية المجاورة حينذاك. بينما تحوم الشبهات حول أصول خلق أول كلمة وكلمة أول لسماع البشر لنفسهم, يبقى هناك ثلاث اتجاه نظرية مهيمنة متواجدة ضمن مدارسه التاريخية والعلوم الاجتماعية الحديثة:
الأولى تقوم على الوحي والإلهام الإلهي حيث يقول البعض إن "الله سبحانه وتعالى عَلَّمَ آدم جميع الاسماء قبل خلقه لبني البشر". والثانية تقترح بأن ظهور اللغة مرتبط بمصاحبة أصوات الطبيعة –مثل هدير المياه ولحن الرياح وسكون الأشجار- التي ربما تكون مصدر إلهام للإنسان لإيجاد طرق التواصل فيما بينهما. أخيرا وليس آخرا تأتي وجهة النظر التي تعتقد بان اتفاق الناس وموافقتاهم المشترك أدى لانشاء المفردات العربية باستقرائها بطريق الاستعارة والتقليد فقط دون استناد فعلى لأصول دينية أو فلسفية مدروسة جيدا .وعلى الرغم من اختلاف الرؤى,الا انه لاتزال لغتنا العربية تسطع بريادة وسط سائر المغالطات وأمام تناثر الأفكار ذات التحيزات السياسية والمعرفة القاصرة والتي غالب الأحيان تخلو من المنطلق العقلي والعلمي المؤيد لها.إن خلود وفخامة تراثنا الشعري والأدبي ومايتبع ذلك من تأثير واسع المدى عبر التاريخ وحتى عصرنا الحديث خير شاهدعلى عبقرية وعظمة حضارتنا وإبداع أبنائها الذين صنعوا مجدا يستحق الدهشة دائما!