كان داود بن عمر بن حبيب الظاهري أحد أبرز علماء الفقه في بغداد خلال العصر العباسي الثاني. ولد حوالي عام 260 هـ/874 م وتوفي سنة 315 هـ /927 م تقريبًا. اشتهر بلقب "الظاهري"، نسبة إلى قبيلة الظاهرية التي ينتمي إليها. كان شيخًا فاضلاً ومحدثاً فقيهًا معروفًا برفعه لرايات المذهب الظاهري في العقيدة والفقه.
نشأ داود في كنف أبيه العالم الفاضل عمر بن حبيب، مما ساهم بشكل كبير في تعزيز معرفته بالدين والشريعة الإسلامية. بدأ دراسته تحت إشراف العديد من العلماء الكبار مثل أحمد بن محمد الدورقي وأبي علي الجرجاني وغيرهما الكثير ممن أثروا فيه علميًا واجتماعيًا.
تتلمذت له عدة فئات مختلفة من الطلاب الذين جاؤوا إليه من مختلف المناطق طلبا للعلم والمعرفة. فقد درس عليه ابن فورك وابن المنذر وابن عبد البر وغيرهم كثيرون. وكان منهجه التعليمي يعتمد على الشرح الواضح للمسائل الشرعية وتطبيقها عمليا للحياة اليومية للإنسان المسلم. كما أنه اهتم بتقديم الأدلة الشرعية ودراسة كتب الصحاح الستة والآثار النبوية لإثراء معارفه وزيادة ثقافته الدينية.
من أهم مؤلفاته كتاب "الإيمان والكفر" والذي يُعتبر مرجعًا أساسيًا للمذهب الظاهري في العقائد والأحكام. وقد حاول هذا الكتاب تقديم فهم واضح وشامل لأصول العقيدة الإسلامية وكيفية تطبيق هذه الأصول على الحياة العملية للمسلمين. بالإضافة لذلك ألف أيضًا كتباً أخرى مثل "كتاب الرد على المعتزلة" و"كتاب الفرق".
توفي داود بنتائج مرض عضال بعد حياة مليئة بالإنجازات العلمية والدعوية. ترك اثرًا كبيرًا ليس فقط داخل العراق وإنما عبر حدود الدولة العباسية أيضا، مما جعله رمزًا بارزًا للعمل الأكاديمي والعلمي وسط المجتمعات الإسلامية القديمة.