النرجسية - وهو مصطلح مستمد من أساطير قديمة يعود جذوره إلى قصة نرجس، الشاب اليوناني الذي وقع في غرام صورة انعكاسه في البركة؛ تصبح الآن ظاهرة نفسية تحدد سلوكا محددا لدى البعض. تُعرَّف النرجسية بتلك الرغبة الشديدة في تلقي الانتباه والثناء الذاتي المنتشر، مما يمكن أن يؤدي إلى فقدان القدرة على إدراك وجهات النظر الأخرى وتقبل النصائح البناءة.
تشير اضطرابات الشخصية النرجسية، واحدة من الأنواع العديدة للاضطرابات الشخصية، إلى حالة تتضمن تضخيم غير متناسب لأهميتها الخاصة والشعور بالحاجة الدائمة للأجواء الاحتفالية حول شخصية الفرد. رغم براعة هذا النوع من الأفراد الواضحة وغالبًا ما تكون ملفتة للنظر، إلا أنها تنبع عمومًا من شعور داخلي بالعجز وانعدام ثقة قوي.
ومن سماتها المؤثرة اجتماعيًا: توقعات خاصة للحصول على علاج مختلف، واستهلاك دائم للتعبير الإيجابي، وصعوبات كبيرة في الحفاظ على العلاقات طويلة الأمد بسبب عدم قدرتها على قبول انتقادات بناءة أو حتى مجرد آراء مختلفة. هؤلاء الأفراد أيضًا غير قادرين أو غير راغبين عادةً بمشاركة المشاعر الإنسانية أو التفاهم مع مشاعر الآخرين. بالإضافة لذلك، فإنهم يحافظون باستمرار على اعتقادات حول امتياز وضعهم الخاص وكيفية كون جميع الخيارات المناسبة لهم وحدهم حقًا. كذلك، لديهم ميل نحو الاستخدام الغير أخلاقي للآخرين لتحقيق مصالح ذاتية.
على الرغم من عدم توفر سبب مباشر معروف لهذه الحالة، تشمل العوامل المحتملة البيئية والعوامل الوراثية والخلفيات البيولوجية العصبية المرتبطة بكيمياء المخ والأفعال البشرية. طفولة مليئة بالإساءة العاطفية أو الحرمان لها تأثير هائل فيما يتعلق بهذا المرض النفسي. كما يمكن للعوامل الوراثية أن تساهم كثيرًا بنفس الدرجة لأن هناك ارتباط واضح بين الأنماط السلوكية للنرجسية عبر الأجيال داخل العائلات نفسها. ويتمثل العنصر الأخير في العمل الداخلي للدماغ نفسه، إذ قد يحتاج مستوى معقول من إفراز الدوبامين (هرمون سعادة) لتكوين تلك التشخيصات.
في نهاية الأمر، النرجسية ليست دائمًا مرضًا خطيرًا، لكن عندما تصبح مكثفة وغير قابلة للإدارة، فهي تحتاج تدخلا متخصصًا.
