التشبيه المقلوب هو أسلوب بلاغي يتم فيه قلب العلاقة التقليدية بين المشبه والمشبه به، حيث يجعل الشاعر أو الكاتب المشبه مشبهاً به، والمشبه به مشبهاً، بادعاء أن وجه الشبه في المشبه أقوى وأظهر من المشبه به. هذا الأسلوب يعتبر نوعاً من التجديد في الأساليب اللغوية والبلاغية القديمة، ويضيف طابعاً من المبالغة والابتكار إلى النص.

شرط التشبيه المقلوب هو أن يجري وفق الأعراف اللغوية، وإلا خرج عن باب البلاغة ودخل في الألغاز. على سبيل المثال، إذا قلنا "القلم كفلان"، قد يكون من الصعب تحديد وجه الشبه دون معرفة السياق.

قبل أن يكتسب التشبيه المقلوب اسمه الحالي، أطلق عليه عدة أسماء، منها "غلبة الفروع على الأصول" كما سماه ابن جني في كتابه "الخصائص"، و"الطرد والعكس" كما سماه ابن الأثير.

قيمة التشبيه المقلوب البلاغية تكمن في أنه ضرب من المبالغة، حيث يجعل وجه الشبه أقوى في المشبه، مما يضيف طابعاً من الإثارة والدهشة إلى النص. كما أنه يكسر الرتابة في الأساليب التقليدية، حيث يمكن أن تكون الصور التشبيهية مكررة ومألوفة.

من الأمثلة على التشبيه المقلوب في القرآن الكريم قوله تعالى: {ذَٰلِكَ بِأَنَّهُم قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} (البقرة: 275)، حيث يقلب الشاعر العلاقة بين البيع والربا، مما يعكس شدة تحريم الربا.

ومن الأمثلة أيضاً قول البحتري: "كأنها حين لجّت في تدفقها يد الخليفة لما سال واديها"، حيث يقلب التشبيه بين النافورة ويد الخليفة، مما يعكس قوة تدفق النافورة.

وفي شعر ابن وهيب الحميري: "وبدا الصباح كأن غرته وجه الخليفة حين يُمتدح"، حيث يقلب التشبيه بين بداية الصباح ووجه الخليفة، مما يعكس جمال الخليفة.

وفي شعر ذي الرمة: "ورمل كأرداف العذارى قطعته إذا ألبسته المظلمات الحنادس"، حيث يقلب التشبيه بين الرمل وأرداف الفتيات، مما يعكس جمال الرمل.

وفي شعر أبي نواس: "ابن الرشا لم يخطها شبهاً بالجيد والعينين واللبب"، حيث يقلب التشبيه بين ابن الرشا (الغزال) والمحبوبة، مما يعكس جمال المحبوبة.

هذه الأمثلة توضح كيف يمكن أن يكون التشبيه المقلوب أداة قوية في التعبير عن الأفكار والمشاعر بطريقة مبتكرة ومبالغ فيها.