تعدّ سورة البقرة من أطول سور القرآن الكريم، وتحتوي على العديد من الآيات التي تتناول موضوعات مختلفة. في هذا المقال، سنركز على إعراب أوائل السورة، والتي تبدأ بـ "الم" وتتبعها آيات مهمة.
تبدأ سورة البقرة بالأحرف المقطعة "الم"، والتي تعدّ من الأسرار المحجوبة في القرآن الكريم. يختلف العلماء في تفسيرها، فمنهم من يراها أسماء لله تعالى أو أيمان لله، بينما يرى الأكثرون أنها أسماء لسور القرآن الكريم. أما موضع إعرابها، فيوجد عدة وجوه: إن جعلت اسما للسورة فتكون "الم" مبتدأ و"ذلك" مبتدأ ثانيا و"الكتاب" خبره، والجملة الاسمية: خبر المبتدأ الأول والعائد فيها هو اسم الإشارة القائم مقام الضمير ومعناه: إن ذلك هو الكتاب. أدخل ضمير الفصل "هو" بين المبتدأ والخبر. وثمة وجه آخر هو كون "الم" خبرا لمبتدأ محذوف تقديره هذه ألم ويكون "ذلك" خبرا ثانيا أو بدلا على أنّ "الكتاب" صفة أو تكون "الم" مجرورة على القسم وحرف القسم محذوف وبقي عمله بعد الحذف لأنه مراد فهو كالملفوظ به. كما يقال: الله لأفعلن. ويجوز أن تكون "الم" مفعولا به لفعل محذوف تقديره: أتل "الم".
ثم تأتي الآية الثانية: "ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين". هنا، "ذلك الكتاب" اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ أو يكون في محل رفع خبرا لمبتدأ محذوف بتقدير هذا ذلك. اللام للبعد والكاف للخطاب. الكتاب صفة أو بدل من "ذلك" مرفوع بالضمة. "لا ريب فيه" أداة نافية للجنس. ريب: اسم "لا" مبني على الفتح في محل نصب فيه: جار ومجرور متعلق بخبر "لا" المحذوف وجوبا في محل رفع. لأن "لا" النافية للجنس تعمل عمل "أن" ويجوز أن يعرب شبه الجملة "فيه" خبرا مقدما و"هدى" مبتدأ مؤخرا والجملة في محل نصب حالا مؤكدا.
تتبع هذه الآيات مقدمة السورة، حيث يبين الله تعالى أن هذا القرآن حق لا شك فيه، وهو هدى للمتقين. ثم يتناول السورة موضوعات مختلفة، مثل دعوة الناس كافة إلى اعتناق الإسلام، ودعوة أهل الكتاب إلى ترك باطلهم والدخول في هذا الدين الحق، وعرض شرائع هذا الدين تفصيلا، وذكر الوازع والنازع الديني الذي يبعث على ملازمة تلك الشرائع وينهى عن مخالفتها.
وفي الصفحات الأخيرة من السورة، تنزل آية يضج منها الصحابة خوفا وهلعا: "لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله". لما نزلت هذه الآية، أتى الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم يبكون، قالوا يا رسول الله أمرنا الله بالصلاة والصيام والز