في عمله الموسوعي، «حضارة مصر القديمة وآثارُها»، يُقدم لنا الدكتور عبد العزيز صالح رحلةً عبر زمنٍ قديمٍ غني بالمعرفة والإنجازات الإنسانية المبكرة. ينقسم هذا العمل الضخم إلى أربعة أجزاء شاملة تعكس تنوع وثراء الثقافة المصرية القديمة. ويتبع المؤلف منهجه بتقديم لمحة عامة عن تسميات مصر القديمة وطرق التواصل بها قبل الغوص في تفاصيل نابضة بالحياة حول مجتمعها المديني، ونظم حياتها الاقتصادية والثقافية الدقيقة للغاية.
أسماء مصر القديمة وتشكيلاتها اللغوية
يختار الدكتور صالح نقطة انطلاق مثالية لاستكشاف تاريخ مصر من خلال استكشاف جذورها الاسمية. فهو يشرح كيف أن الآباء المؤسسين لهذه الحضارة الرائدة كانوا يدعون بلدهم الأم بـ "كيما" و"تاكيمة"، والتي تشيران بشكل رمزى إلى ثرائها الأرضي وخضرته. بالإضافة لذلك فإن مفرداتها تحولت لتكون ذات علاقة حميمة بكل من مجموعات سامية وهامية أخرى أيضًا. وينقل المؤلف إلينا بفخر روح الدعابة الجلية لدى أصحاب تلك الحقبة عندما عدوا لها لغتهم الخاصة عرفانا لما تتمتع به من خصوصية فريدة تميزت بنظام نحوي صرف خاص بها مما يعزز مكانة المصطلحات المحلية وسط مجموعة واسعة متنوعة من اللهجات العالمية الأخرى آنذاك.
بناء المجتمع المصري التقليدي وصفاته الموروثة
وتعد رواية العلاقات داخل هياكل المجتمع أحد المواضيع الرئيسية التالية التي تتطلب اهتمام المحاضر الأكاديمي للكاتب. ويعرض دراسة معمقة عن النظام الاجتماعي للمصريين القدماء أثناء حديثه الطويل المستفيض بشأن تقسيم البلد سياسياً واجتماعياً ودينياً واقتصاده كذلك - وهو أمر يقود بنا لحكمته العملية المتراكمة منذ القدم حتى أيامنا الحديثة حين تجلى اثر ذلك فيما اختاره السكان الشرقيون الذين ظلوا محافظين على طابع سكان المنطقة الأصلية سواء أكانت خصائص بشرية أم سمات ثقافية متوارثة للأجيال مثل الدين العام المعتنق حاليا والذي أصبح مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بحفظ تراث اللغة العريقة المرتبطة بروايات سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم وأنزل الوحي القرآني علي سيد خلق الله جل وعلى .
وفقا لرؤية صاحب الاستقصاء فقد ظلت المعالم المكانية تحمل علاماتها المميزة خاصة وان العديد منها يحافظ علها حتى يومنا هذا لكن ضمن شكل مختصر مستحدث نوعا ما جراء التأثير الخارجي الخارج عنه نظام الكتابة المسيحية وكذلك دخول المفردات الجديدة كالاسم العام "القاهرة" الشهير كذلك المصطلح المنتمي لأصل منطقة محلية تدعى "كوم".
كما يستعرض الفصل الثالث نموذجين بارزين للعيش اليومي للشعب المصري القديم هما: بيئته الطبيعية وظروف عمل اليد العاملة فيه . ويصف بكثير دقة ثمينة عملية تربيه الانعام الرعاىيه وفق نهج مدروس يؤهل المرء لاحراز نجاح كبير لنشاط ذائع الصيت عالميا ولا شك هنا نعني بزراعتهم المكرسة بإخلاص لجني محصول نهر النيل وفي نفس الوقت نقدر جهدهم المضني لإنتاج انواع الفنون والحرف بما فيها نسج الأقمشه والخوص والشراشف وفن ضرب المسامير باستخدام أدوات مصنوعة جميعا من أشكال مختلفة للحجارة وربما بعض المواد المعدنية الاخري اما بالنسبة لسلف الشعوب وفلسفته الدينية فتترجم حالة اليقين لدي هؤلاء الأشخاص فهي ليست مجرد معتقد عبادة وإنما تجسد الراحة النفسية لمن عاش تلك الفترة ايضا .
وفي الجزء الأخير نتعرّف سويا على مساهمات الإمبراطوريات تواليا وهي تسجل أهم تطوراته بطريقة منطقية تبدأ بالنظر إلى حقبتي البرونز والعصر الحجري الأعلى والتي اقترنت بحكام مناطق زمانها ،تمر بخطوة مهمة جدا وهي اكتشاف قدرتهم الانتقالية الهائلة تجاه التحول الى استخدام خام النحاس كمصدر أول للاستخدامات المنزلية مباشرة بلا اتخاذ إجراءات مطولة للتسخين عالي الدرجة المستخدمةعادة للحصول عليه وبالتالي توسيع قاعدة إنتاجهما الداخلي وضمان الأمن الغذائي لهم ولكنه لم يكن فقط حديثي الولادة مهد العلوم الهندسية ومنصة لانشاء المشاريع العملاقة المعاصره فحسب بالتأكيد لقد امتلك الشعب شعوراً وطنياً صادقاً واندمجوا براحة في رؤيته القانون الدولي وماهو قانون داخليا الأمر الذي مكّن منهم قوة كبيرة تمتلك القدرةعلى تحقيق السلام والاستقرار السياسي مادامت حكومة قادرة قادته تحت رايتها .
وهكذا يوفر لنا بحث الدكتور عبدالعزيز رؤية واضحة لأحد أكثر الفترات ازدهارا للإبداع البشري عبر تاريخ الإنسان جمعا وتعرفنا أيضا بعض الصور الخلفية عن كيفية تأثير السياقات الاجتماعية والجغرافية والنفسية التاريخية على شخصية الدولة كلما تقدم العمر الزمني لكل جيل جديد عليها.