تكتسب الدراسة المقارنة للبرجوازية والأرستقراطية أهميتها من خلال تسليطها الضوء على الاختلافات الهيكلية داخل بنيات المجتمع المختلفة عبر التاريخ. فعلى الرغم من ارتباطهما بشكل مباشر بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، إلا أن هناك فروقا جوهرية تحدّد مكانتهما ودورهما في تركيبة مجتمعات البشر.
مفهوم كلتا الطائفتين:
تشير "البرجوازية" عادةً إلى تلك الشرائح المتوسطة المستوى اجتماعياً واقتصادياً؛ وهي تشغل موقعاً وسطياً ما بين عمال البنوك والحرفيين وملاك الأعمال التجارية الصغيرة والكبيرة. تنبع جذور هذا المصطلح من أوروبا القرن السادس عشر تحديداً فرنسا حيث ظهر مصطلح "bourgeoisie"، ليصف الأفراد الذين اكتسبوا ثرواتهم عبر نشاطات تجارية وحرفية مختلفة. تتخذ البرجوازية وضعاً مميزاً كونها تحكم العامل الاقتصادي والاستثماري الأمر الذي يجعلها محركاً أساسياً للاقتصاد الحديث سواء في القطاعات المالية أو التصنيعية.
أما "الأرستقراطية"، فقد جاءت من اللغة اليونانية وتعني حرفيا "الحكم الأقوم". يشير هذا الاسم إلى النخبة السياسية والعلمية والمعروفة بأنها تحمل خريطة الطريق لبنية society . غالبًا ما يتم توجيه هذه البيروقراطيات الملكوتية بواسطة تراث عرقي/نبيل قديم مما يعكس حالة مزدهرة من الثراء السياسي والثقافي والنفوذ الاجتماعي للأجيال القادمة ضمن أسرتها الواحدة.
التاريخ والنشوء:
لقد بدأت البرجوازية كمجموعة متمردة ضد النظام التقليدي الثلاثي الطبقية والذي كان يسود أوروبا آنذاك -الفلاحون والصناع والنبل-. ومع نهاية القرون الوسطى وبداية عصر النهضة والإصلاح الديني، برز دور الرأسمالية الحديثة واتسعت مساحتها لتشمل شرائح واسعة لم تكن تعتبرها المنظومة القديمة جزء منها. ومن هنا نجد لنا اليوم مثالاً واضحاً لكيفية بروز الطبقة البرجوازية كتطور طبيعي لبيئة اقتصاد السوق الحر والنمو الصناعي الكبير خاصة بعد التحولات الناجمة عنها مثل الثورة الصناعية البريطانية مثلاً. أما الأرستقراطية فهي ليست وليدة نفس الظروف ولا يمكن اعتبارها نتاج سيولة السوق بل إنها أكثر ارتباطا بالنظام التقليدي القديم وأنظمة الحكم السابقة عليه أيضا. فالأمر هنا مرتبط بالإرادة السياسية المحكومة بالتراث النبيل وليس فقط المساعي التجارية الخاصة بشخص واحد أو حتى جماعة كبيرة منهم.
مقارنة خصائص الطائفتين:
إن التفريق الرئيسي بين هذين المفهومين يتمثل بحقيقة اختلاف آليات تصاعدهم within hierarchy . فالبرجوازيون هم أولئك الذين اصعدتهم الطبيعة الرأسمالية للإنسانية نحو مراكز السلطة القائمة حاليا بكل امتيازاتها.. ساعين دوماً لتحقيق مكاسب جديدة بطرق مشروعة وغير مشروعة أيضًا بما يساعد تحقيق توسعات مستمرة لقواعد استثمارهم وتوزيعاته الداخلية والخارجية كذلك. وعلى الجانب الآخر فإن الأَرِسطَقِراطِيَّـة تأتي كنتيجة مباشرة لحالة ممتلكات دينية أو نبيلة موروثة جيلاً بعد جيل منذ بداية الانطلاق الأوروبي لهذه المؤسسات قبل قرون طويلة مضت! وهذه الحالة الأخيرة لها رمزيتها وطابعها الخاص جداً لدى عامة الشعوب تجاه رجال السياسة المؤثرين ونخب الثقافة والفكر المنابر فيه!.
هذه خلاصة ملخصة للموضوع المطروح حول منظومة العلاقات الاجتماعية حسب التصنيف الغربي التقليدي لهذه المفردتين، والتي تعد مرجعاً مهما لفهم ديناميكية التعايش السائدة بصورة واضحة سواء اختلف الاتجاه أم اتفق فيما يتعلق بمزايا وعيوب وجود كل طرف مقابل الآخر أثناء دوران عجلة الحياة الإنسانية وما يصاحب ذلك من تغيرات وانقلابات محتملة !