كتابه "حياة الصحابة"، الذي يعد أحد أهم المؤلفات التاريخية والدينية، هو عمل أبدعه الشيخ محمد بن يوسف الكاندهلوي، أحد علماء القرن العشرين البارزين في مجال الدراسات الإسلامية. صدرت طبعة أولى من هذا العمل في خمس مجلدات، وهي متاحة الآن عبر العديد من المنصات الرقمية. هدف مؤلفها الرئيسي هو تقديم رؤية شاملة لحياة صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهي شخصية محورية في الإسلام. بالإضافة إلى ذلك، يتعرض الكتاب لسيرتهم الذاتية وأعمالهم البطولية خلال فترة الخلافة الراشدة.
ولد محمد بن يوسف الكاندهلوي في مدينة كندهلة الهندية عام 1335 هجرية الموافق 1917 ميلادية. بدأ تعليمه الديني مبكرًا عندما حفظ القرآن الكريم قبل بلوغه الثالثة عشرة. درس تحت إشراف والده وأبرز المشايخ الآخرين مثل شيخه عبد اللطيف مدير مدرسة مظاهر علوم الشهيرة بتراثها التعليمي الواسع خاصة فيما يتعلق بعلوم الحديث والفقه والشريعة الإسلامية. رغم نجاحاته الأكاديمية المبهرة، ظل مفتونا بالأثر الاجتماعي للدين واستجاب لدعوة أبيه لتولي مسؤوليات دعوية مختلفة بما فيها الخطابة والإرشاد والتخطيط الاستراتيجي للمجموعات الدينية الصغيرة آنذاك. رحلاته العديدة منها تلك لباكستان تشهد برغبته القوية برؤية التطبيق العملي لأصول الدين وسط المجتمع العربي العام. توفي الشاب المبهر الدكتور الكاندلوي عام 1393 هجرياً ولم تتعدى وفاته الثلاث والخمسون عاما فقط ليترك لنا تراثا غزيرا من المعرفة والتأثير المتواصل حتى يومنا الحالي.
يتكون الكتاب وفق مفهوم المؤلف ومناهجه الخاصة بصياغة مفردات واضحة حول جوانب مهمة متعلقة بدور الرجالات المسلمين الأولى كمجموعة داعمة قوية للنبي العزيز وللحفاظ على روح الوحدة والجماعة داخل مجتمع صغير لكن نوعيًا كبير التأثير عالمياً. يستهل عمله بكلام موجه خصيصاً لمن يعمل ذراع الدعوة والاستنارة للإيمان بهدف توجيههم نحو المزيد من التفاني والتزام. يبدأ بسلسلة آيات قرآن كريم تؤكد على ضرورة الطاعة التامة لله عز وجل وطاعته سبحانه كما أمر الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم والذي نقل عنه الكثير بحسب وجهة نظر المؤرخ ابن عساكر وما نقلته كتب السنة الأخرى كذلك. ثم ينتقل بسرعة لعرض تاريخ ظهور الاسلام وانطلاق الدعوة الجديدة ومعاناة اهل الحق أثناء وقت المحنة والملاحقة والقمع السياسي والمعادي دينياً ضد كل شخص يدعى بالإسلام. نجد أيضا هنا تفاصيل مثيرة للاهتمام حول الرحلة المقدسة والتي كانت أكثر خطورة واحتمال الموت مقارنة بطريق المدينه الي المدينة المنوره اليوم بسبب الظروف الأمنية المضطربة حينذاك . ويناقش أيضًا مساهمات فردانيه لبني هاشم وبني أمية وغيرهما ممن قهر الاحتلال الأموي والعربي القديم وهزموه بشرف وشجاعة خارقتان لنسيج الواقع المرير ذاك الوقت وزمن الفتوحات المتتاليه التي أسفر عنها انتشار الإسلام وانتشاره شرقا وغربا للعالم المتحضر حديثذاك! وظلت دروس أخلاق الرعية محل اهتمام خاص لدى المصنف فرصد جمالية صفوف البراة كيف امتزجت اخلاقهم الحميده وخلق مواقفهم الطيبة وهم يحافظون دوماً علي توازن المساوئ والكرم وضبط النفس أمام جميع انواع التجارب وابرز سماتها الصبر الجميل والكريم والرحمة الغزيره ورضا القلب وانقياده المطيع لفرائض رب العالمين...الخ.
يستند معظم محتواه بالنسبة للأحاديث المستدل بها إلي المصدر المهم جدا 'السيرة النبويه'حيث استقاها مباشرة ولا يخفي اعتباره أنها مصدر رئيس للاستشهاد والنقل اللائق للحقيقة مطلوب لكل طالب حق وعامل صادق بالسنه المطهره ..غير أنه لاحظ انه قد اتبع طريقة تقليديه مشابه لهذه المدارسه التقليدية الدينية القديمة التي تتمسك بدرجة كبيرة بالتسامح بشأن قبول الروايات الناقصة شرعاً ولكن ليست مضلله حسب رأي الفقهاء السابقين الذين ركزوا بشكل اكبرعلى الجانب التعبدي الخاص أكثر من النظر العميق للأحداث الجدلية ذات الصلة بالعقائد الاساسية للإسلام ومايليها مباشره..وقد اشار بذلك الى كلام للإمام احمد بن حنبل وإليه التشبيه المناسب للتوضيح :'' فقد روينا فى الاحكام الشرعيه حرصنا كثيرا اما اذا تحدثناعن امور فضائله فاننا نسامح نسبيا'''كما اقتبس ايضا قول الناصح الكبير للعامة(الإمام النووي) بانواع عديده من القصص والاخبار والمواعظ والاحاديث المرتبط بها والتي تبحث ضمن اطار broaderالقانوني وليس الحدود القانونيه ذاته ! لذلك فإن تأويلاته تعتبر تجلي جديد لصوت الماضي يعكس الوجه الحقيقي للشعب الاول الموحد بقيمه سامية تخالف تمام الاختلاف جوهر الفلسفات الحديثة المتجاهلة لإرث حضارات رائدة قدمت للعالم قرن قرن الشعائر الإنسانية النقية...