- صاحب المنشور: عالية الشريف
ملخص النقاش:
في العصر الرقمي الحالي الذي نعيش فيه، فرضت وسائل التواصل الاجتماعي نفسها كجزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية. هذه المنصات التي كانت في السابق قنوات للتواصل والترفيه، تحولت إلى أدوات تؤثر بشكل كبير على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية، بما في ذلك العلاقات داخل الأسرة العربية التقليدية. هذا التحول ليس بلا عواقب، وقد ظهرت العديد من التأثيرات الإيجابية والسلبية لهذين الجانبين المتداخلين: التكنولوجيا والإطار العائلي الأصيل.
من ناحية إيجابية، أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي للأسرة فرصة للتواصل المستمر بغض النظر عن المسافة الجغرافية. يمكن لأفراد الأسرة الذين يعيشون خارج البلاد المتابعة والمشاركة أكثر في حياة بعضهم البعض عبر الصور ومقاطع الفيديو ومشاركات الأخبار الشخصية. كما توفر الوسائل الحديثة فرصًا للأطفال والآباء لتبادل التجارب التعليمية والألعاب التربوية بشكل جذاب ومتفاعل. بالإضافة لذلك، تساهم في تعزيز القيم والتقاليد الدينية والعادات الثقافية بين أفراد الأسرة عندما يتم استخدامها بطريقة مسؤولة وتعليمية.
ومع ذلك، هناك أيضًا مخاوف وتحديات مستجدة تحتاج إلى التنبيه لها وللتعامل معها بحذر. أحد أكبر المخاطر هو الانشغال الزائد بهذه الأدوات الإلكترونية مما يؤدي إلى تقليل الوقت والجودة لقضاء اللحظات الحميمية وجها لوجه ضمن الأسرة الواحدة. قد يشجع الاستخدام طويل المدى لهذه الوسائل على الشرود العقلي وانعدام التركيز لدى الأطفال والشباب خلال فترة التكوين الهامة لديهم. كذلك، تعد الخصوصية والأمان هما مصدر قلقي رئيسيين حيث تتعرض المعلومات الخاصة للعائلة لمخاطر التسرب أو سوء الفهم نتيجة نشر البيانات بدون رؤى عميقة لما يحمله كل مشاركة محتملة عليها وعلى سمعتها وبناء مجتمع متماسك وصحي أساسه الثقة ببعضهما.
بالإضافة لما سبق ذكره، فإن القلق بشأن المحتوى غير المناسب موجود دائما وهو أمر يستحق اهتماما خاصا خاصة وأن غالبية المستخدمين هم تحت سن البلوغ وما زالوا معرضين للتأثر بالأفكار الخارجية قبل تشكيل معتقدات ثابتة حول أهم المواضيع الحساسة كالاختلاف الروحي والقيمي وغيرها مما يجعل الأمر خطيرا إذا تعرضوا لأي نوع خاطئ من الرسائل المؤثرة عليهم مباشرة أو حتى بصورة غير مباشر عبر محيط اجتماعي عام قد ينشر رسائل تخالف عقيدة أسلافهم وأصول دينهم.
ختاماً، بينما تقدم لنا التكنولوجيا الفرص والمعرفة الجديدة، فإنه من الضروري إعادة ضبط كيفية استخدامنا لها لحماية ترابطنا الداخلي وتحقيق توازن صحّي يضمن سلامتنا النفسية والعاطفية ومن ثم استقرار مجتمعنا الأكبر وعزز مكانته عالمياً كنقطة ارتكاز ثقافي وفكري مميزة تمتلك قدرة كبيرة لاستخلاص الطيب من الجديد واستحضار القديم بالشكل الأنسب للمرحلة المعاصرة بدون تفريط بأي جانب مهم منها سواء كان متعلقا بالتراث أم بالمستقبل المنتظر معه بكل رجائينا وأمالنا المشروعة تجاه الغد أفضل وأحسن بإذن الله عز وجل.