تعد الهندسة الكيميائية والصيدلة مجالات متداخلة بشكل وثيق، حيث يعتمد كل منهما الآخر لتقدم وتطور. هذه العلاقة المتشابكة تعكس مدى أهميتها في مجال البحث العلمي والتطبيقات العملية. تعتبر الهندسة الكيميائية أساساً حيوياً لتطوير أدوية فعالة وآمنة، بينما توفر الصيدلة أرض خصبة للتطبيق العملي لهذه التقنيات الهندسية.
في جوهر الأمر، تتضمن عملية التوصل إلى دواء جديد العديد من الخطوات التي تشترك فيها كلا المجالين. تبدأ رحلة الدواء بمعرفة الهيكل الجزيئي للأدوية الفعالة وخصائصها الفيزيائية والكيميائية - وهو ما يمكن تحقيقُه بدقة عبر تقنيات الهندسة الكيميائية مثل تحليل النظائر الحرارية وتحليل الطيف النصفي.
بعد ذلك يأتي الاختبارات المعملية للتأكيد على سلامة تلك المواد الجديدة المحتملة كمكونات رئيسية لأدوية جديدة. هنا تلعب هندسة العمليات دورًا مهمًّا للغاية؛ إذ تساعد مهندسو العمليات الكيميائيين بتحديد أفضل سيناريوهات إنتاج وصناعة هذة المركبات بما يحقق أعلى نسب جودة وأمان مع أقل تكلفة ممكنة.
كما تساهم الهندسة البيئية أيضًا في هذا السياق؛ فمن الضروري التأكد من خلو المنتجات النهائية لعملية التصنيع من أي مواد سامة قد تضر بصحة الإنسان أو البيئة أثناء مراحل الاستخدام المختلفة للدواء بعد طرحه بالسوق.
وفي مرحلة لاحقة تأتي جوانب علم الصيدلة والحفظ والدوائية لتحقيق الاستقرار والاستدامة للمنتج الدوائي المكتشف حديثا ضمن ظروف تخزين مختلفة وظروف بيولوجية داخل الجسم البشري وكيفية امتصاص جسم الانسان له والموضع الأمثل لاستخدامه سواء كان عن طريق الفم او حقنه تحت الجلد وغيرها الكثير.
وبهذا الشكل نرى كيف يسهم كل جانب من جوانب اختصاصاتها الخاصة بكلٍّ منهما بشكل أساسي وبمستويات عميقة لتوضيح المسار الواضح نحو منتج نهائي قابل للاستخدام القصوى بفوائد صحية واضحة للإنسان وفي نفس الوقت آمنا تمام الامان عليه وعلى محيطه العام. وهكذا يكون التعاون المثمر بين الهندسة الكيميائية والصيدلية مفتاح نجاح تجارب الأبحاث العلاجية الحديثة وتمكين البشرية بخيارات علاج أكثر فاعلية وأماناً مقارنة بالأمس القريب بكثير!
