تعدّ رواية "كبرياء وتحامل"، التي كتبتها المعروفة جان أوستن عام ١٨١٣, واحدةً من أكثر الأعمال الأدبية تأثيراً في التاريخ الإنكليزي؛ وذلك لما تحتويه من تحليل عميق ودقيق للحياة الاجتماعية والثقافية للطبقات الراقية خلال عصر التنوير الإنجليزي. تعتبر هذه الرواية دراسة نقدية ساخرة لواقع المجتمع البريطاني آنذاك ومحاولتها تسليط الضوء على تناقضات الحياة بين طبقية وأدوار الجنسين والقيم المتعارضة داخل النخب الاجتماعية.
تدور أحداث القصة حول ماري بنتس، شخصية رئيسية تعيش برفقة أخواتها البنات الخمس في منزل والدتهما بعد وفاة الأب المفاجئة. تبدأ رحلة البحث عن شريك حياة مناسب لكل واحدةٍ منهن وسط مجتمع يتميز بتقاليد صارمة تتعلق بالزواج والمكانة الاجتماعية. يظهر المؤلف موقفاً ناقداً تجاه تلك الأعراف والعادات القديمة، خاصة فيما يتعلّق بالسلوكيات والاستعلاء لدى بعض أفراد الطبقة الغنية وكيف يمكن لتلك التصرفات العنيفة التأثير بشكل سلبي كبيرعلى العلاقات الإنسانية وعلى الشعور العام بالألفة والحميمية الأساسية لأي علاقة زوجية ناجحة وصحيّة.
من أبرز شخصيات العمل أيضاً السيد دارسي، وهو رجل غني وجذاب لكن قاسي القلب ومعتاد على احتكار اهتمام الآخرين وتجاهلهم تمامًا باستثناء الأشخاص الذين يشابهونه وفقا لمعاييره الخاصة. تشكل علاقاته مع النساء المنتميات إلى فئات مختلفة دروس وعبر مهمّة بشأن ضرورة فهم واحترام الفروقات الثقافية والجسدية والنفسية قبل الانخراط بأواصر الزواج واتخاذ القرار المناسب بناء عليها. كما تستعرض الرواية أيضا دور المرأة في المجتمع ومدى تأثيره السلبي عندما تنظر فقط لأنوثتها وتمسك بها بدلاً من مساعي ذات هدف سامٍ وطموحات أخرى خارج دائرة المنزل التقليدية والاهتمامات الزوجية الدائمة.
وفي نهاية المطاف، تقدم لنا مؤلفة الكتاب برسالة واضحة مفادها أنه حتى وإن امتلك الإنسان الثروة والمكانة المرتفعة فإن ذلك لن يجدي شيئا بدون وجود قلب حنون قادر على محبة الآخرين حق المحبة والتسامح والصفح عند الخطأ وبداية جديدة مبنية على الاعتراض المنتظم والسليم للأخطاء سواء كانت بسيطة أم كبيرة الحجم. بذلك تُعتبر "كبرياء وتحامل" ليس مجرد قصة حب خالدة ولكن عمل أدبي شامل يعكس الواقع الاجتماعي والثقافي لبريطانيا القرن التاسع عشر ويقدم رؤى مستقبلية حول أهمية الموازنة بين المشاعر الأخلاقية والفكر العقلي لاتمام المسيرة نحو الحياة المثالية برمتها .