تعتبر نظريّة جان بياجيé حول التطوّر المعرفي أحد المحاور الرئيسية لفَهْم العمليات العقلية للنموّ الإنساني، خاصةً عند الأطفال. يقدم بياجيé رؤيته بأن الأطفال يُظهِرون قدرة هائلة على الاكتشاف والاستقصاء، مما يشير إليهم كـ "علماء صغار" يساهمون بشكل فعال في بناء المعارف عبر تجاربهم اليومية وتحليلاتهم المستمرة لعالمهم المحيط.
تنطلق فلسفة بياجيé من الاعتقاد بأنchildren يمرون بمراحل مختلفة ومتسلسلة للتطور العقلي تتضمن: مرحلة الحسي الحركي (من الولادة حتى سن الثانية) حيث يستخدم الجسد والعالم الخارجي لإدراك الأشياء; ثم تأتي مرحلة عمليات بُعدانية محلية (بين عامَيْن وثلاثة). وفي هذين الوقتَين المبكرتين، يتم التركيز على التحكم بالأفعال وردود الأفعال الشعورية الأولية مثل رضاعة الثدي واستخدام اليدين للحركة والاستجابة لحواس الجسم المختلفة. وبعد ذلك تبدأ المرحلة الأكثر تحدياً وهي مرحلة عمليات رسميات شكلية (سنوات الأربعة والخمس). هنا يبدأ الطفل بإظهار القدرة على التفكير المنطقي باستخدام الأفكار المجردة ومعالجة المشكلات بحلول مبتكرة غير واقعية تماماً.
وقد أكدت الدراسات الحديثة لأبحاث بياجيé ضرورة مواءمة طرق التدريس والتعليم مع خصائصevery child's cognitive developmental stage - سواء كانت تلك الشخصية الفريدة الخاصة بكل طفل فردي أو قدرات عامة مرتبطة بالعمر والجنس والثقافة وغيرها الكثير-. إن تطبيق أفكار بياجيé لاستراتيجيات تربوية مبتكرة مثل "التعميق"، الذي يقصد منه ربط المواضيع الجديدة بكفاءات تعلم قوية موجودة سلفاً داخل ذهن الطفل، يعد خطوة عملاقة نحو نجاح العملية الأكاديمية لديهم. وقد اقتصرت بعض نماذج تطبيقه العملي على مدارس رياض الأطفال وكما ظهر لاحقاً تأثيره الكبير في مسارات تعليم القراءة والكتابة ومهارات حل المسائل الرياضية وغيرها.
ومن منظور آخر، سلطت رؤية بياجيé الضوء على حاجتنا لبناء فهمٍ متكامل لكيفية عمل دوائر تفكير الدماغ البشرية منذ سن الرشد الأولى. إذ يؤكد لنا أنها تشبه شبكة ديناميكية مستمرة النمو والتكيّف والتفاعل الداخلي والعلاقات الخارجية المؤثرة عليها ذات التأثير المتبادل فيما بينهما. وبذلك تصبح مسؤوليتنا كمربين ومنظِّمين للنظام التعليمي هي تقديم البيئات المثالية الغنية بالإمكانات الخلاقة اللازمة لمساعدة أولادنا كي يصنعوا قصص حياتهم ويختصروا طريق الوصول للعظمة غدا!
وفي ضوء ما سبق نذكر مصطلحي "الإندماج" و"الانطباع". فهناك فرق واضح بين كون الشيء الجديد مدمج ضمن منظومة معتقدات حالية للشخص مقابل انطباع مسموع حديثاً لكن بدون ترك أثراً جذرياً. وعلى الرغم من محدوديتها الشاملة إلا أن النظرية تساهم كثيرا باتجاه تقصِي الحقائق المتعلقة بسيكولوجيونيا المعرف العالمي عند الإنسان – وهذا بدوره يساعد الآباء والأُمهات كي يعملوا جنباً إلى جنب مع أبنائهم لتحقيق أعلى درجات التوافق الانفعالي والتواصل الحكيم وبلورة شخصية مستقلة قادرة على تحقيق الذات بلا مخاطر اجتماعية محتملة تهديدٌ للسلوك الاجتماعي الحميد والسوي.