كانت أدوات الكتابة المسمارية جزءاً أساسياً من الثقافة والتاريخ البشريين منذ آلاف السنين. هذه الأداة الفريدة التي ظهرت لأول مرة في بلاد ما بين النهرين حوالي العام 3400 قبل الميلاد كانت نقطة تحول كبرى نحو تسجيل التاريخ وتدوين المعرفة البشرية. تتكون الأدوات المسمارية بشكل أساسي من مجموعة من العلامات والرموز المنحوتة برسوم متحركة على ألواح الطين المجففة بالشمس بعد تشكيلها بواسطة عصا حادة مصنوعة عادةً من خشب البلوط الصلب.
في بداية الأمر، استخدم البابليون والأكاديون أولاً العصي الحادة لإنشاء علامات بسيطة تمثل أشياء مثل الحيوانات والنباتات وحتى الأشخاص. مع مرور الوقت، تطورت اللغة الكتابية لتحتوي على نظام أكثر تعقيداً ومفصل يحتوي على عشرات الآلاف من الرموز المختلفة والتي غالباً ما يتم استخدامها بطريقة مزيجية لإنتاج ألفاظ ومعاني جديدة.
تميزت فترة ازدهار حضارة سومر بشخصيات كاتبة بارزة كتبت النصوص الدينية والمراسيم والقوانين، وأشهرها قانون حمورابي الشهير. كما ساهم المسلمون لاحقا بتطور هذا النظام الكتابي خلال حكم الدولة الأموية والصلاحية عندما قام ابن المقفع بنسخ العديد من الأعمال اليونانية والعبرانية إلى العربية باستخدام نفس تقنية الطباعة المسمارية.
وفي نهاية المطاف، أدى ظهور الكتابة الخطية والبابلونية الجديدة لاحقا إلى انخفاض تدريجي لاستخدام أدوات الكتابة المسمارية حتى توقفت تماما بحلول القرن الثاني عشر ميلادي، لكن تأثيرها ظل واضحا وسط إرث ثقافي وفكري عميق مازالت آثارها باقية اليوم كمصدر إلهام ودليل حي للتقدم البشري المبكر.