يستند التفكير البشري على مجموعة متنوعة من العمليات العقلية التي يمكن تصنيفها ضمن فئات مختلفة حسب طابعها وسلوكيتها. وفي ضوء ذلك، نستعرض هنا بعض هذه الأنواع الرئيسة للتفكير وفق السياق الفلسفي:
التفكير الإدراكي/الملموس
يسلط هذا النوع الضوء على دور الإدراك الحسي كمصدر أولي للمعرفة. فهو يعتمد بشكل مباشر على مدخلات الحواس لإنشاء تمثيلات ذهنية للأشياء والعلاقات بينها. ومن ثم فإن أفكارنا في هذه الحالة تكون انعكاسًا حرفيًا لما نشعر به أو نراه؛ فهي ليست مجرد تطبيقات منطقية للمعلومات المستقبلة عبر الحواس وإنما أيضًا عمليات تأويل وتفسير مباشرة لهذه المدخلات الخام. ويصف البعض هذا النهج بأنه "تفكير ملموس" لأنه مبني أساسًا على تجارب حسية محددة قابلة للاستيعاب الفيزيائي.
التفكير المفاهيمي/المتجرد
يتمثل الجانب الآخر للعملة في القدرة الغنية للتأمل العقلي التجريدى الذى يصل إلى عمق أعلى بكثير من ردود فعل الجسد وحده. إنها ملكة فريدة للإنسان تسمح له بتشكيل واستخدام نماذج مجردة - أفكار ومعتقدات ومعايير منطقية - بغرض التواصل الاجتماعي والنظر فى القضايا الأكثر تعقيدا. ويتعدى التعامل فقط مع الأشياء الموجودة مادياً ليصل نحو مجال أكثر اتساعا يشمل حقائق عالمية ودلالات لغوية واسعة وغير متوقعه دائماً, وبذلك توضح قوة العقل البشرى وخلاصتها الذاتية المبهرة .
التفكير الرجعي/التأملي
يشير مصطلح 'retrospection' ('رجعية') إلى جانب مهم آخر من جوانب العملية الفكرية الإنسانية المعروف باسم 'التأمل'. إنه شكل قوي للدراسة الشخصية والإعادة النظر فيما واجهه المرء أثناء مواجهة تحديات الحياة اليومية وصنع القرار فيها; فعلى سبيل المثال ، قد يقوم شخص ماهر بذلك حين تعرض له مشكلة ما فقد يجتهد لاسترجاع ذكرياته ذات الصلة للحصول على رؤى واتصالات محتملة بإجاباتها المحتملة ; وهكذا فإن استخدام ذاكرتنا كآلية بحث داخلي فعال جداً وفيه جوهر كبير من التعمق والرؤية الثاقبة بلا شك!
التفكير الإبداعي
ثم يأتي هناك حالة خاصة للغاية تتمثل بقدرتنا الفريدة على توليد أفكار وإيجاد حلول جديدة تمامًا خارج نطاق تلك المألوفة لنا أصلاً , وهذا يعني خلق شيئ جديد تماماً بناءً علي خيالنا ورؤانا الخاصة ؛ وليس نسخة مطابقة لأمر موجود بالفعل ولكن مختلف عنه تمام الاختلاف – سواء كانت ذلك اختراع جهاز تكنولوجي ثوري أو رسم لوحة فنية غاية الجمال ! إنها صفوة ما لدينا من علم والتطور المستمر وما نحقق به تقدّمالحياة نفسها كل يوم بما فيه خير كثير للعالم وللعمل المجتمعي كذلك .
التفكير النقدي
وهناك خاصية بارزة أخرى جديرة بالملاحظة وهى منظومة حكم قضائية وتمحيص أفكار بصورة نقدية ومتفحصة مليئة بالنقد والبصيرة الذكية ؛ إذ تتطلب الانتباه الي طبيعة الأدلة والقرائن الواضحة وكذلك مدى وجاهة الفرضيات الموضوعة أمامنا بالإضافة إلي التنقيبات الصارمة ضد المغالطات والكذب وعدم الصدق ...الخ وكل شئ قد يؤثر سلبيآعلي نتائج انتاج افكارصالحة ومفيدة للمستقبل .وفي النهاية تعد قدرتنا علي الوصول إليه دليل واضح علي درجة عالية من الذكاء والحيادية اللازمة لاتخاذ قرار حيادي موزون.
التفكير التقاطعي / التشبيهي :
إنه صنفا فرعا مميزا يعبرعن آفاق أرحب للتخيّل والأخذ بخيوط مرتبطة بمختلف مجالات الحياة المختلفة سويا لتحقيق هدف سامٍ وأهداف مشتركة نبيلة تجمع الناس تحت مظلتها الواحدة ولا تنفر منها أيًا كانbackgroundه الثقافي الخاص ; لذا فهو يقصد الى جمع كافة الاحتمالات والحلول المقترحة بعناية فائقة قبل اختيار الطريقة الأمثل منها والتي تلبي حاجتهم مجتمعيين بحلو وسلام لانهاء المشكلة المطروحة وقد وصف أيضا بالتخطيط البرجماتي النافع والذي يساعد كثيرا أثناء مرحلة وضع السياسات عامة وكافة القرارات المصيريَّة الأخرى ذات الجدوى الأكبر للجماعة ووطنها الكبير باكمله .
وأخيرا لكن ليس أقل أهميه هُنا فن الابتكار المكانيكي(غير الخطي)والذي يخالف التسلسل الزمنى المعتاد المتبع ابتداءاً بنقطة البدء وانتهاءٌ بنقطة نهاية مغلقَة ومحدوده بمحاور واحدة مثلاً!ففيه يحدث انقلاب جذري بانطلاق رحلات تخيليَّة بحرية تُنفِّذ مطالبات متقاطعة بين شهور مختلفة بفترة زمنيَّة قصيره نسبياً فتكون نتيجة ذلك رؤية شاملة وشاملة لكل جزئية صغيرة وسط تلك الرحلة الشيقه ممتزجة بها عناصر جمالية رائعة وغامضة سرعان ما ستفتح ابوابه امام الافهام الجديدة المُتجدِدة باستمرار مما سيضيف الكثير للاعمال الرائعه المستقبليه المبدعة !!