في رحلته البحرية التاريخية التي بدأت عام 1519 واستمرت حتى وفاته المفاجئة عام 1521, لم يكن فقط المغامر البرتغالي فرديناندو ماجلان أول شخص يبحر حول العالم بل أصبح أيضًا أحد العوامل الرئيسية في تأكيد كروية الأرض. قبل مغامراته, كانت هناك العديد من النظريات حول شكل الأرض لكنها لم تكن مقنعة بشكل كامل. ومن خلال ملاحظاته المدققة وعلمياته الفلكية المحسوبة بعناية أثناء عبوره لأطلسي الجنوب والأرض المُستوية غير المعروفة آنذاك والتي سميت فيما بعد باسم "أمريكا"، قدم ماجلان أدلة قوية تدعم نظرية كروية الأرض.
بدأ هذا الدليل عندما لاحظ انخفاض ارتفاع بعض الجبال البارزة الواقعة فوق خط الأفق بينما كان يواصل سفره غرباً عبر أميركا الجنوبية. إذا كانت الأرض مسطحة كما زُعم سابقاً، فإن هذه الجبال - مثل جبل بوليفار الحالي - ستبقى ظاهرة حتى النهاية لأن المسافة بين المشاهد والموقع الطبوغرافي لن تتغير. ومع ذلك، حدث تناقص ملحوظ في الارتفاع الظاهري لهذه الجبال مما يشير إلى أنها خفتت بسبب المنحنيات الطبيعية للسطح الكروي للأرض.
كما ساهم مخطط البحار الخاص به، رودريغو دي سيليدون، بتفسير آخر يدعم فكرة کروا الأرض. عند المرور بالأطلسي الجنوبي، وجدوا أن النجوم المختلفة ظهرت وأختفت وفق توقعاتهم بناءً على موقعهم الظاهر في السماء استنادًا إلى نقطة المرجع الخاصة بهم وهي استوائي البحر الأحمر. ولقد نجحوا أيضاَ بحساب دقيق للزمن اللازم للسفر عبر نصف كرة سماوي محدد حسب علم الفلك، وهو أمر مستبعد تمامًا لو كانت الأرض مسطحة.
بالإضافة لذلك، رصد أفراد طاقمه تغيرات معينة مرتبطة بإشعاع الشمس ودرجة حرارتها اعتمادًا على موضع السفينة بالنسبة لخط الاستواء. إن الاختلافات اليومية المتوقعة في طول الوحدات الضوئية (أي مقدار ضوء الشمس الذي يمكن للمراقبين رؤية تأثيره) والتغيرات الموسمية المعتادة في الزاوية الحادثة للشمس هي دليل عظيم على كون سطح الأرض منحني وليس مستقيما ومسطوحا.
وفي نهاية المطاف، توصل ماجلان وطاقمه إلى نتيجة حاسمة أخرى تؤكد كروية الأرض وذلك حين وصلوا إلى مضيق مضيق ماجيلان نفسه والذي حمل اسم بطل الرحلة الغنية بالمعرفة العلمية. بهذا المضيق، اكتشف الفريق وجود ضباب مرتفع يعكس أشعة الشمس نحو سفينتهم ليلا، مؤشر قاطع آخر يحسم الجدال لصالح الشكل الكروي للأرض والقائل بأن سطح المياه يميل باتجاه مركز الجسم الكوني المقوس. وبالتالي فقد برهن ماجلان ودحض نظريات قديمة حول تشكيل وتكوين عالمنا الحقيقي بكفاءة كبيرة باستخدام التجربة العملية والحواس البشرية البسيطة جنباً إلى جنب مع فهم عميق للقوانين الفيزيائية والمعارف الفضائية السائدة يومئذٍ. وهكذا وضع أساس لفهم حديث حول شكل وشكل أرضنا العزيزة واحتفظ بمكان مميز ضمن تاريخ البشرية باعتباره واحد ممن غَيّروا وجه الإنسانية بوسيلة بسيطة ولكن فعالة للغاية: الاكتشاف الشخصي والتوثيق العلمي للتجربة الشخصية عبر رحلة بحرية محفوفة بالمخاطر وغير متوقعة!