خلال فترة حكم الخلفاء الأمويين والعباسيين، شهدت العالم الإسلامي تحولات دينية وثقافية هائلة. بدأت هذه الفترة مع الدولة الأموية التي أسسها الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان عام 661 ميلادية واستمرت حتى سقوط بغداد بيد المغول سنة 656 هجرية تقريباً. تشتهر هذه الحقبة بتأثيرها الكبير على تنظيم الدين ونشره بالإضافة إلى الازدهار الثقافي والفكري الذي عرفته البلاد الإسلامية آنذاك.
عند بداية الحكم الأموي، كانت هناك جهود كبيرة لتجميع وتوثيق النصوص الشرعية وترتيبها بشكل منهجي مما أدى لظهور علم الحديث النبوي. كما بدأ ظهور بعض المدارس الفقهية الأولى مثل الحنفية والمالكية والتي أثرت فيما بعد في تشكيل الاجتهادات القانونية في المجتمع الاسلامي. علاوة على ذلك، اتخذ الخلفاء الأمويون مبادرات نشطة لنشر الدعوة الإسلامية خارج حدود الجزيرة العربية، خاصةً نحو الشمال الأفريقي وأوروبا الغربية.
بمجرد وصول الدولة العباسية للحكم، حدث تغيير كبير آخر حيث انتقل مركز القوة السياسية والدينية من الشام إلى العراق وبالتالي شرق آسيا الصغرى. كان لهذه التحولا تأثيراً عميقاً على الحياة الدينية إذ شجعت الحكومة الجديدة على دعم التعليم والعلم والأدب بشدة مما مهد الطريق أمام نهضة فكرية وفلسفية واسعة خلال القرن الثامن والتاسع الميلادي. أصبح بيت الحكمة بالعاصمة بغداد تحت إمرة هارون الرشيد مكتبة ومعهد بحثي يضم علماء ومترجمين من مختلف الأديان والثقافات يعملون سوياً لتحقيق فهم أعمق للنصوص المقدسة بمختلف اللغات.
بالإضافة لذلك، توسعت الطرق الصوفية وانتشار التقليد الشعائري ضمن الممارسات الروحية للمسلمين. رغم الاختلافات الواضحة بين الآراء الفقهية والقانونية للأمويين والعباسيين، فإن كلا الفريقين بذلا مجهوداً كبيراً لحماية والحفاظ على عقيدة المسلمين وتعزيز انتشار التعاليم الإلهية حول العالم القديم والمعروف اليوم باسم العالم الإسلامي القديم.
وفي نهاية المطاف، يُظهر تاريخ حياة الدين في ظل الحكومتين الأموية والعباسية مدى مرونة وتكيف العقيدة الإسلامية الرئيسية وسط تحديات سياسية واجتماعية متغيرة باستمرار - وهي خاصية تعد أحد مظاهر قوة هذا الدين المستمر عبر الزمن.
